هو للشَّيبِ مثلما هو للأط ... فال، غُوْلٌ، وحيّةُ، رقطاء
وأجاب الفتى يواسي أباه ... لو يفيد العزاء والتأساء!
(أبتاه! هوَّن عليك! فإني ... لستُ ممَّنْ من القضاءِ يُساء
حبّذَا مصرعي بكفّك إمَّا ... كان فيه لربَّنا إرضاء
أبتاه! افعلْ ما أمرت ولا تأ ... خُذْك بي رحمةٌ ولا أهواء
أنْفِذْ الوحْيَ يا أبي! هل يطيعُ الل ... هَ إلا المعاشر السعداء؟
أبتاه! إن حانَ يومي فهلْ عُنْ ... هُ محيدٌ، أو هل ليومي اتَّقاء؟
أبنا خالد على هذه الأرْ ... ضِ، وما للحياة فيها بقاء؟
لا تهنْ يا أبي هَلَّم فأضْجِعْ ... نيَ من قبل أن يَدِبّ المساء
ثم عصِّب عينيَّ رفقاً بمندي ... لٍ، فَلِلْمَوْتِ سَحْنة نكراء
واشحذ الْخِنْجَرَ المُظَمَّأَ حتى ... تتلظَّى شباتُه الحَمْرَاء
ثم ضعه على خناقي واذبح ... ني كما تُذْبَحُ الظَّبا والشاء. . .
فإذا ما ذبحتني وتروَّت ... من دَمي هذه الرمال الظِماء
فاحترس أن يصيبَ كفك شيءٌ ... منه، أو أن يبَلَّ منك الرداء
وتجنب رَشاشهُ، لا يهنْ أجْ ... ركَ فيهِ، ولا يقلَّ الجزاء
دعْه للرَّمْل ينسربْ في حنايا ... هُ، ففيه لحرِّها إطفاء
دعْه يذهب كما تبَدّدَ عِطْر ... في الفضا أو تغَيّبَتْ أصداء
وإذا ما فرغتَ منِّي وحالت ... بيننا ظلمةُ الرّدى السَّحْماء
وأردت الرجوعَ بعدي إلى الدا ... ر، فلي يا أبي إليكَ رجاء
ذاكَ ثوبي فانْزعْه عنِّي إذا م ... تُّ، وقد خضّبَتْه مِنِّي الدماء
واحيهُ إذ تعود ذِكرى لأمِّي ... فبهِ سَلوَةٌ لها وعزاء
إيه! أمَّاه لو علمت مصيري ... وتَبَيّنْتُ ما تريد السماء
لَتمّليْتُ منكِ لثماً ونقبي ... لاً، ولكن هيهات منّا اللقاء!
لستُ آسى إلاّ عليك من الدُّني ... ا، ولوْلاكِ لم يرُعْني العفاء. . .
عذب الموت في سبيلكَ يا ربُّ ... وساغَ البلىَ وطاب الفناء