للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من اقل الناس عناية بما يكتب للصحف وتحريا فيه للحق ولا سيما حين كان يكتب لبعض الصحف الأجنبية فكان يلفق لهذه الصحف أي شيء ويضع اسمه في آخره ويأخذ أجره على هذا التلفيق ساخرا بالصحيفة وقرائها معتزاً باسمه منتفعاً بما يقع في يده من المال كل شهر أو كل أسبوع.

ويعظم على الأدب والنقد خطر ما تحتاج إليه الصحف السيارة من السرعة والنظام حين لا يكون الأدباء الذين يكتبون لها في الأدب والنقد مقصورين على أدبهم ونقدهم بل تضطرهم ظروف الحياة العامة والخاصة إلى أن يتجاوزوهما فيكتبوا في السياسة أيضا. فهذه السياسة على أنها من حيث هي شر على الأدب لأنها تستغرق من جهد الأديب وميوله وعواطفه مقداراً عظيما كان ينبغي أن يخلص للأدب، يشتد شرها ويعظم لأنها تتأثر هي أيضا بحاجة الصحف إلى النظام والسرعة وبطروء الأحداث السياسية وتطورها واضطرار الكاتب إلى أن يتبع هذا التطور ويسايره ويكتب في ألوانه المختلفة. فإذا أضفت إلى هذا كله أن للأديب أو الناقد حياته الخاصة بقسميها المادي والمعنوي وحياته الاجتماعية التي تضطره إلى أن يستقبل ويزور ويجامل ويتقبل المجاملة، عرفت مقدار الجهد الضئيل الذي تظفر به فصول الأدب والنقد في الصحف من الأدباء والنقاد.

خطرت لي كل هذه الخواطر حين قرأت فصلا قيما نشرته جريدة الجهاد الغراء لصديقي الأستاذ عباس محمود العقاد صباح الثلاثاء ١٧ يناير.

أراد الأستاذ العقاد أن ينقد كتاب الأستاذ أنطون الجميل في شوقي شاعر الأمراء. ولم أكن أشك في أن الأستاذ سيشتد على الكتاب ومؤلفه وعلى شوقي أيضا. فمذهب الأستاذ في الأدب العصري معروف واقل ما يوصف به أنه بعيد كل البعد عن الإعجاب بشعر شوقي وعن الإقرار للذين يعجبون بهذا الشعر. وقد أشارك الأستاذ في كثير جدا من آرائه في شوقي والمعجبين بهما. ولكن الشيء الذي أخالف فيه الأستاذ اشد الخلاف والذي أكتب من اجله هذا الفصل هو هذه المقدمة التي بسطها بين يدي نقده لكتاب الأستاذ أنطون الجميل. وعرض فيها لما سماه نقد اللاتينيين ونقد السكسونيين. وأحب أن لا يغضب الأستاذ العقاد إذا اصطنعت الصراحة في بسط رأيي في هذا الفصل فلعله يوافقني على أنه في حقيقة الأمر غير راض عن الكتاب ولا مؤمن ولكنه أراد أن يكون ناقدا مجاملا لبقاً فاستعار من

<<  <  ج:
ص:  >  >>