الناس على ركوب البحر، فاستعمل على البحر عبد الله بن قيس فغزوا خمسين غزوة بين شاتية وصائفة، كما غزا عبد الله بن سعد أبي سرح والي مصر من قبل عثمان البحر، فحارب سنة ٣٤هـ قسطنطين بن هرقل وانتصر عليه في موقعة ذات الصواري. وفي هذه السنة أيضا فتح العرب جزيرة قبرص، كما جردوا حملة لغزو البلاد البيزنطية. ومنذ ذلك الوقت أخذت الحملات البحرية تترى على تلك البلاد
ولما ولي معاوية الخلافة عني بإنشاء السفن الحربية، وفي عهده غزا عقبة بن عامر جزيرة رودس. وفي ٥٣هـ غزا الروم البرلس في عهد ولاية مسلمة بن مخلد (٤٧ - ٦٢هـ)، وقتلوا عددا كبيرا من المسلمين وعلى رأسهم وردان مولى عمرو بن العاص؛ ومن ثم اهتم أمراء مصر ببناء السفن، فأنشئت لأول مرة سنة ٥٤ هجرية دار لبنائها في جزيرة الروضة
أما أن العرب كانوا مدينين في الأصل للبيزنطيين في هذه الناحية من الفنون الحربية فهذا أمر لا سبيل إلى إنكاره؛ إلا أن العرب الذين فطروا على الشجاعة وحب المغامرة وإن تتلمذوا للبيزنطيين في تلك الناحية فترة من الزمن، فانهم قد أصبحوا أساتذة أوروبا في هذه الفنون. يدلنا على ذلك هذه الاصطلاحات البحرية المستعملة في أوربة إلى اليوم، والتي لا تزال محتفظة بعربيتها. وكان أثر العرب في شعوب حوض البحر الأبيض المتوسط بوجه خاص ابعد مدى من غيرهم من شعوب أهل أوروبا. ويقول فون كريمر:(ومما يوضح لنا أن الأسطول العربي القديم كان نموذجا لأساطيل الأقطار المسيحية أن كثيراً من المصطلحات العربية البحرية لا تزال شائعة على ألسن البحارة في جنوب أوربا نذكر منها كلمة المأخوذة عن لفظ (جبل) العربي وكلمة وبالإيطالية المأخوذة عن لفظة (دار الصناعة) وكذا المأخوذة من لفظ (غراب) العربية، والمأخوذة عن لفظة (أمير البحر)