بعثتْ من البيض الخفافٍ رسالةً ... حَلَقَتْ لها يا فوخَها وقَذالها
وجَفتْ غدائرها وألقت قُرطَها ... وتناهبت حسراتُها خَلخالها
تحدو الرجال إلى المواقعِ تارةً ... وتسير أخرى تستفِزَّ خبالها
كوَساوس الشيطان أغرتْ مؤمناً ... فجفا مودَّتها، وعافَ وصالها!
ما غاظها جيشُ السماءِ. وإنما ... جيشُ (المهاجر) يوم بدْر غالها!
بَرز الَحنيفُ على الحياض إلى الردى ... يرمي الجهالةَ أو يَدُعَّ مِطالها!
وكأنَّ أرضَ اللهِ تقذفُ ما بها ... وسماَءهُ تولى النبيَّ نِضالها!
والكفر في بؤر الخنا متطلعٌ ... للعدوة الدنيا يرى رئبالها!
ويحسّ في كفيه أنفاسَ الوغَى ... تُبْدِي من الصمتِ الرزين مَلالها
ألوى بجيْش الشّرك مَرهُوبَ القنا ... ونَضا قراهُ، وما نضَتِ سِربالها
يا باسطَ الكفين في كنفِ العُلا ... تَدْعو السماَء. وما تركْتَ سُؤالهَا
النصر وافى، واصطفتْك مغانمٌ ... والله قسمَ بينَكم أنفالَها
فلذات مكة في رباك سوَائل ... ترجو نَدَاك وما رجوتَ نوالها!
كانت تريكَ ببطن مكة بغيَها ... أفلا أرتك لدى الوغى استبْساَلها؟
خيرَ البرية: تلك عقبى صابرِ ... لاحتْه مكة: ظاهرت جُماَّلَها
جنباتُ مُلكِ الله فزَّع دُعمها ... دعَواتك اللائي نثرتَ إلا لهَا
والعرشُ حوّم في رحاب المنتهى ... يُصْغي لسدرتها وأنت حِيالَها
ويمدّ أجنحةَ الجلالَ لمنكبِ ... بادي اللآلئ يجتلى لألَّها
جافته برْدتُك الشريفة مذ رأت ... ملأ العلا يُضفي عليه مثالها
لو يعلم (الصدَّيقُ) عند وقوعها ... ما تَرْتديه لهالهُ ما هالها!
وسبَاه من وادي السَّنا لمحاتُه ... ومَضى إليها يبتغي إمْهالها!
ليرَى تحيتها لوجْهك ضاحياً ... ويَراك توليكَ العُلا إجْلالها!
ويَراك والسبْع الطباقُ خواشع ... ويَراك والدنيا تَراك ثمالَها!
نور الجلالة تحت ثوبك مشرق ... يَهدي السماَء نجومها وهلالَها،
من غير هَدْيِك ما تبسم طالع ... في أمة أغْرَى الهوَى إهمالَها!