تلك الخلائق ما محمَّدُ: أعرضتْ ... ورأت حرامَ الراشدين حَلالَها!
رجعتْ بها الأهواءُ عن غاياِتها ... وتنَقَّصَتْ في العاجزين كمالها
فُتنتْ بزائفة النهوض، ولو رأتْ ... مَجْدَ الأوائل أكْبرتْ أطْلاْلهاَ
كَفَرتْ على مهْدِ الندى آباَءها ... وجَفَتْ على قرْب المدى أخوالها
جادتْ على وادي السماح برُوحها ... للناهبين، وما رعَتْ إقلالها
جعلت لخاذل دينها تسليمَها ... ولناصريه المتّقين جدالها
ولو إنها التمستْ هداك لصافحتْ ... غُدُوَاتكِ البيض الخطا آصالها
ما اعتزّ من عزّوا بغيرك هاديا ... وبغيرك الدنيا رأتْ إذلالها
خطرتْ تجر القيْد تحسب أنها ... بلغتْ أمانيها أو استْقْلاِلها!
نشوى بحكم الفرْد صاغ من العصا ... قلمَ المؤدّب يجتوي إملالها
تدعو وتنهض في الحياة مُضَلِّلاً ... جعَل المتاحَ من الأمور مُحالها
تتزاحم الشورى على أبوابها ... فتشيح عنها تبْتغي أبطالها!
ويميتْ أكفاَء الرجال هداتُها، ... وَيْح المواهب لا ترى اسْتغْلالها!
وأدُوا البنين، كأنّ شرعتك انتهت ... وكأنّ عُدْوانَ الزمانِ أدالها!
وكأنّ بغي الجاهلية لم يزَل ... يُلغِي الحقوق ويَزْدري سَألها!
ولعلّ من وأد البنات أثابها ... والجاهلية ترتضي إغْفَالها!
يا آسيَ التقوى: جفاها طُّبها، ... بكَ تستجير، فهل ترى ابلالها؟
ذاق الأمَّرين الأساةُ، وأخفقوا؛ ... فمن الذي يشفي العقام عضالها؟
لَّجت بصيحتها المشارقُ لم تجد ... كفا تحلّ بحزمها إشكالها!
نُعلي المعابدَ لا قنوتَ لخاشعٍ ... فيها؛ ولا نَلقى هناك (بلالها)!
ما أكثر الداعين باسم هُداتها ... حتى إذا نُودُوا جَفوا أقوالها!
ورأوْا مبادئها مسبةْ جيلهم ... وكأنها لم تنتظم أجيالها!
هي تلك يا طه شريعة دينهم؟ ... أمْ تلك دنيا يشربون نهالها؟
إبراهيم مأمون