هجرته. ولعلك تذكرين أنه ما كادت جنود الأحزاب تتخلى عنه في غزوة الخندق حتى تفرغ لليهود الذين تألبوا مع العدو عليه في ساعة العسرة فأباح دماءهم وأموالهم ونكل بهم شر تنكيل، وكيف أنه كان يعترض لقريش وغير قريش من المشركين يريق دماءهم، ويسلبهم إبلهم وشاءهم حتى يعتصموا بالإسلام، وما كان ذلك تجنيا من محمد، ولكنها الدعوة الروحية يجب أن تؤيدها القوة المادية، حتى ينظر إليها الناس نظرة جدية، وهكذا تمهد السيوف للأقلام، ويتضافر الاثنان على نشر لواء الإسلام
قالت الأولى: ثم ماذا بعد فتح مكة
قالت الثانية: ما يدرينا؟ لقد كان محمد يعد قومه ملك فارس والروم فيتهكم به كفار قريش قائلين:(هذا ابن أبي كبشة - يعنون زوج مرضعه حليمة - سيرث ملك الأكاسرة والقياصرة)، ولعله لو امتد بنا الزمان بضعة أعوام، شهدنا تحقيق هذه الأحلام
قالت الأولى: لقد احسنا إلى محمد يوم آويناه في الغار، وساعدناه على الفرار.
قالت الثانية: أكبر الظن أننا أحسنا إلى الإنسانية جمعاء: استحدثنا ثقافة، وأقمنا بناء حضارة، وغيرنا مجرى التاريخ.