للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بابها، بل هي مختطفة ملتقطة مبتكرة مستنبطة. فأما تلاميذه فقد كانوا ينقلون عنه من التعاليل الطبية والأقاويل النجومية والألفاظ المنطقية ما يضحك منه إن صدق النقلة).

على أنه إذا اعتبره ابن أبي أصيبعة أطب من ابن بطلان وأعلم بالعلوم الحكمية وما يتعلق بها، فربما صح حكمه بالنسبة لمهارته الطبية، إذ استشاره بعض ملوك مكران كتابة. أما في الفلسفة والأدب فلا تجد سبيلا إلى اعتباره متكافئاً مع ابن بطلان كما يظهر من مؤلفاته، رغماً عما يذكره عن نفسه في قوله: (وأما الأشياء التي أتنزه فيها فلأني فرضت نزهتي ذكر الله عز وجل وتمجيده بالنظر في ملكوت السماء والأرض؛ وكان قد كتب القدماء والعارفون في ذلك كتباً كثيرة رأيت أن أقتصر منها على ما أنصه من ذلك: خمسة كتب من كتب الأدب، وعشرة كتب من كتب الشرع، وكتب أبقراط وجالينوس في صناعة الطب وما جانسها مثل كتاب الحشائش لذيسقوريذس، وكتب روفس وأريباسيوس وبولس، وكتاب الحاوي للرازي، ومن كتب الفلاحة والصيدلة أربعة كتب، ومن كتب التعاليم المجسطي ومداخله وما انتفع به فيه، والمربعة لبطليوس، ومن كتب العارفين كتب أفلاطون وأرسطو طاليس والاسكندر وثامسطيوس ومحمد الفارابي وما انتفع به فيها؛ وما سوى ذلك إما أبيعه بأي ثمن اتفق، وإما أن أخزنه في صناديق، وبيعه أجود من خزنه)

وجدير بالذكر أن ابن رضوان المسلم اكتفى بذكر الكتب الإسلامية إجمالا وتأدية للواجب بينما فصل ذكر الكتب المنقولة عن اليونانية واحداً واحداً.

لا حاجة لنا بإيراد تفاصيل إطراء ابن رضوان عن نفسه ومديحه لعمله اليومي ووصفه لمحاسن ترتيب بيته، ولكنا نذكر آخر أمره (عن ابن أبي أصيبعة):

(كان قد أخذ يتيمة رباها وكبرت عنده، فلما كان في بعض الأيام خلا لها الموضع وكان قد ادخر أشياء نفيسة، ومن الذهب نحو عشرين ألف دينار. فأخذت الجميع وهربت ولم يظفر منها على خبر، ولا عرف أين توجهت فتغيرات أحواله من حينئذ) و (تغير عقله في آخر عمره)، وكانت وفاة ابن رضوان في سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة.

يدل على تفانيه في حب علوم قدماء اليونان افتخاره برؤية جالينوس في منامه، قال:

(وقد كان عرض لي منذ سنين صداع مبرح عن امتلاء في عروق الرأس ففصدت فلم يسكن، وأعدت الفصد مراراً وهو باق على حاله، فرأيت جالينوس في النوم وقد أمرني أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>