للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أقرأ عليه حيلة البرء فقرأت عليه منها سبع مقالات، فلما بلغت إلى آخر السابعة قال: فنسيت ما بك من الصداع، وأمرني أن أحجم القمحدوة من الرأس؛ ثم استيقظت فحجمتها فبرأت من الصداع على المكان)

هذا ما يكفي تعريفاً بابن بطلان وابن رضوان، ونتجه الآن إلى المناظرة المشهورة التي قامت بينهما. قال ابن أبي أصيبعة: (وكان ابن رضوان كثير الرد على من كان معاصره من الأطباء وغيرهم، وكذلك على كثير ممن تقدمه، وكانت عنده سفاهة في بحثه وتشنيع على من يريد مناقشته. وأكثر ذلك يوجد عندما كان يرد على حنين بن اسحق وعلى أبي الفرج بن الطيب (وكان أبو الفرج هذا أستاذ ابن بطلان ببغداد) وكذلك أيضاً على أبي بكر محمد بن زكريا الرازي. ومن هذا النوع كانت مناقشته لابن بطلان. وقال أيضاً: (وكانت بين ابن بطلان وابن رضوان المراسلات العجيبة، والكتب البديعة الغريبة، ولم يكن أحد منهم يؤلف كتاباً ولا يبتدع رأياً إلا ويرد الآخر عليه ويسفه رأيه فيه.

فأول من ابتدأ المجادلة هو ابن رضوان بمناسبة رسالة لابن بطلان لم تكن موجهة ضده إطلاقاً، بل دارت حول مطلب من مطالب العلوم الطبيعية كثر الكلام فيه بين أطباء ذلك العصر، وهو: أيهما أحر طبيعة الفخر أم الفروج؟ وكان ابن بطلان يعتقد - كما اعتقد السواد الأعظم من الأطباء - أن الفرخ أحر من الفروج، ولكن اليبرودي الطيب الدمشقي الذي قد درس مع ابن بطلان على أبي الفرج ابن الطيب كان عايا أطباء مصر بمسألة ألزمهم بها أن يكون الفروج أحر من الفرخ. فجمع ابن بطلان في مقالته حججا يعضد بها رأي اليبرودي وينقض الرأي الصحيح (بقياس المتعلمين تطريقاً لهم ورياضة. . . وبقياس العلماء أن يظهر فضلهم في حلول الشكوك الغامضة. . . وبقياس المذعنين تبكيتا لهم وهجنة) وأورد في آخرها واحداً وثمانين سؤال تتعلق بالبيض والحضان والفراريج يدعو الأطباء المصريين إلى الإجابة عنها

يظهر أن ابن رضوان ظن نفسه أو بعض تلاميذه مقصوداً بملاحظة من ملاحظات ابن بطلان في رسالته هذه فأجاب عليها بمقالة لم يبحث فيها عن موضع المشكلة نفسها أم يرد على أدلة المعاياة؛ بل نجده فيها أقرب إلى السفسطة والطعن منه إلى أصول الجدل العلمي.

وحسبنا أن نلتقط من مقالة ابن رضوان هذه موضعا يذكر فيه المزايا التي لا يخلو منها

<<  <  ج:
ص:  >  >>