أرادت - أن تشاركها فيها؛ وأنت لك عملك وواجباتك التي يعييها أن تشاركك فيها؛ وكل منكما يمضي بعد ذلك في طريقه لينهض بأعبائه الموكولة إليه. فأين يكون الاختلاط والاحتكاك والخلاف؟ وإذا حدث خلاف فلماذا لا يكون بالحسنى. .)
قال:(والغيرة. . أليست بلاء؟)
قلت:(طبعا. . والرجل أيضاً يغار. . أليس هذا بلاء؟. . فلماذا لا تضع نفسك في موضع المرأة وتنظر إلى الأمور من ناحيتها هي أيضاً. . صحيح إن المرأة أسرع إلى الغيرة من الرجل وان غيرتها أحمى، فبلاؤها لهذا اعظم، ولكن هذه طبيعتها ولا حيلة لها في ذلك، لأن الغريزة الجنسية في المرأة أقوى منها في الرجل إذ كانت هي مدار حياتها. ثم إن الواحد منا يتقبل أصدقاءه على علاتهم ويحتمل أمزجتهم التي تخالف مزاجه، ويوفق بين رغباته ورغباتهم - وما اكثر ما تتباين - ويظل مع ذلك صديقهم ويظلونهم أصدقائه، فلماذا لا يكون هذا حال الزوجين. .؟ لماذا لا يحتمل منهما الآخر على العلات وهما بذلك أولى من الصديقين. .؟ المسألة يا أخي إن الرجل يريد أن يسود، وان المرأة تريد أن تحكم، لأن هذا هو (المودة الجديدة. ولو تركا هذا وأهملاه فنزل الرجل عن الرأي الموروث فيما ينبغي أن تكون عليه علاقة الرجل بالمرأة، وتركت هي ما تشير به (المودة) الحديثة من أن الست هي السيدة المطاعة والرجل هو التابع والخادم الذليل - لو تركا هذا وسارا في الحياة سيرة شريكين متعاونين على إنجاح الشركة واحتمال متاعبها والصبر على بلاياها في سبيل مزاياها وفائدتها لارتاحا جداً ونعما بالحياة الزوجية).
فسألني:(هل أنت سعيد؟).
قلت:(إني سعيد لأني لا أطلب من الزواج سعادة، ولو كنت اطلبها لشقيت على التحقيق؛ وقد تزوجت وأنا موطن نفسي على إن هذا واجب أؤديه كما أؤدي واجبي بالعمل في الصحافة وبالاشتغال بالأدب - واجب والسلام. فإذا فزت بمتعة فهذا فضل من الله، وإذا فاتني ذلك فما كنت اطمع فيه أو أرجوه. وقد أدخلت هذا في رأس زوجتي فهي تفهمه حق الفهم، وقد كان على أن افهمها هذا في أول الأمر لأني أردت من البداية أن أجنب سبيل الإخفاق. وقد أفلحت ولله الحمد والشكر؛ فإذا حدثتك نفسك بالزواج مرة أخرى فاصنع هذا).