فأكدت له إني جاد، وقلت:(إني أعيش مع زوجتي كأنا صديقان؛ وليس يسعني أن افعل غير ذلك، لأنها إنسان مثلي ولها حياتها المستقلة عن حياتي وإن كنا متعايشين تحت سقف واحد. وأنا احرص في حياتي معها على الاعتراف بهذا الوجود المستقل فلا أحاول أن افني وجودها هذا واجعله يغيب في وجودي؛ ولو تيسر لي هذا لما كان لي فيه أي لذة لأني خليق أن اشعر حينئذ إني أعايش آلة لا إنساناً محسا مدركا يبادلني ما يسرني أن أراه يبادلني إياه من العواطف والاحساسات والخوالج. ولو أفنيت شخصيتها في شخصيتي لانحطت في نظري إلى منزلة الخدم الذين تطعمهم وتنقدهم أجرهم على أن يفعلوا ما تريد ولا يجاوزوا مشيئتك. وليست زوجتي خادما ولا آلة وإنما هي رفيق حياة أي صديق معين. ولست أقول هذا تملقا أو نفاقا بل أقوله لأني لا افهم معنى للزواج غير ذلك. كلا. لست احول أن اغلب إرادتي على إرادتها لأني لا أحس حاجة إلى ذلك؛ وسبيلي التفاهم لا الإكراه، واراني ابلغ بهذا ما لا ابلغ بالقوة والضغط. ومطلبي ما هو أوفق لكلينا، لا ما هو أوفق لي وحدي، فان الشركة لا تصلح بهذا الاستئثار، والزواج شركة على التحقيق، ولا يحسب أحد أن الرجل يضع في هذه الشركة أكثر مما تضع المرأة، وانه لهذا مغبون فيها، فان هذا خطأ، فليس السعي للرزق كل ما تقتضيه هذه الشركة، وان المرأة لتبذل حياتها كلها لا جهدها لإنجاح الشركة؛ وحسبها الحمل والوضع، ولو أمكن أن يحمل الرجل لأمكن أن يدرك هول ما تتحمل المرأة في سبيل هذه الشركة، ولكنه لا يحمل مع الأسف، فهو في الغالب لا يستطيع أن يقدر نصيب المرأة وما يكلفها الزواج وما يعرضها له، ولا كيف تضحي بها الحياة لتملأ الدنيا بمثلى ومثله ممن لا يستحقون هذه التضحية)
فترك هذا وقال:(ولكن ألا يجب أن يكون للبيت سيد. . . إن المركب يغرق إذا كان له رئيسان).
فقلت: (آه. . حكاية التركي الذي جرد سيفه ليلة الزفاف وأطار به عنق القطة ليرهب الزوجة المسكينة. . لا يا سيدي. . ليس الأمر أمر سيد أو سيدة، فما ثم محل لذلك. وأين محل هذا ولكل من الرجل والمرأة عمل؟ وأصدقك فأقول إني لا أدري كيف يمكن أن تجور المرأة على الرجل أو يجور الرجل على المرأة. أخل ذهنك من كل فكرة عن السيادة وأخل لها ذهنها أيضاً. . تفاهما معا. . هي لها عملها وواجباتها التي لا تستطيع - حتى إذا