ملاحظات سيكلوجية جديرة بالتقدير، فأن إدراك القوة الناطقة لنفسها وإدراكها أنها تدرك أساس موضوع السفور الذي هو من أهم مباحث علم النفس الحديث، ويمكننا أن نسلم إلى حد ما أن القوى الذهنية أقدر على تحمل المجهود من الأجهزة الجسمية. وليس بغريب على ابن سينا وهو الطبيب المعروف أن يقوم بمثل هذه الملاحظات ولا سيما وأستاذه أرسطو قد سبقه إلى بعضها ومهد له سبيل توسعتها. ولكن الغريب هو أن تستخدم أفكار أرسطية في إثبات أمر لا يقف أمامه أرسطو موقفاً واضحاً، فإنه غير صريح صراحة أفلاطون في القول بفصل النفس عن البدن وتميزها عنه، فكأن ابن سينا ببرهنته السابقة ينتصر لأفلاطون في الوقت الذي يزعم فيه أنه يردد آراء أرسطية. وإذا ما شئنا أن نحكم على هذه البرهنة في ذاتها، وخاصة في جزئها الأخير، وجدنا قيمتها موقوفة على تفسير الصلة بين الجسم والروح، وهذا ما سنحاوله في الفرص المقبلة إن شاء الله.