للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المسلمين فيجدون الأرض قد اقتسمت بمن عليها وحيزت إرثاً عن الآباء؟ ما هذا برأي. فقال عبد الرحمن ابن عوف: فما الرأي إذن؟ ما الأرض والعلوج إلا مما أفاء الله على المسلمين. قال عمر: إذا اقتسمت ارض العراق بعلوجها وارض الشام بعلوجها فبماذا تسد الثغور وما يكون للذرية؟. وما زالوا به حتى جمع ندوة من المهاجرين والأنصار قوامها عشرون رجلا من أهل الحنكة والعقل واستشارهم في الأمر وقال لهم: سمعتم كلام هؤلاء القوم الذين زعموا إني اظلمهم حقوقهم وإني أعوذ بالله أن اركب ظلماً؛ لئن كنت ظلمتهم شيئاً هو لهم وأعطيته غيرهم لقد شقيت، ولكن رأيت انه لم يبق شيء يفتح بعد ارض كسرى وقد غنمنا أموالهم وأرضهم وعلوجهم فقسمت ما غنموا من أموال بين أهله وأخرجت الخمس فوجهته على وجهه، وأنا في توجيهه، وقد رأيت أن احبس الأرضين بعلوجها واضع عليهم فيها الخراج فتكون فيئاً للمسلمين المقاتلة والذرية ولمن يأتي بعدهم. أرأيتم هذه الثغور لا بد لها من رجال يلزمونها؟ أرأيتم هذه المدن العظام كالشام والجزيرة والكوفة والبصرة ومصر لابد لها من أن تشحن بالجيوش وإدرار العطاء عليهم؟ فمن أين يعطى هؤلاء إذا قسمت الأرضون والعلوج؟ فقالوا جميعاً: الرأي رأيك فنعما قلت وما رأيت، إن لم تشحن هذه الثغور وهذه المدن بالرجال ولم تجر عليهم ما يتقوون به رجع أهل الكفر إلى مدنهم. وكان عثمان وعلي وطلحة بين القائلين بقول عمر. فقال: من لي برجل له جزالة وعقل يضع الأرض مواضعها ويضع على العلوج ما يحتملون؟ فاجتمعوا له على عثمان بن حنيف وقالوا تبعثه إلى أهم ذلك فان له بصراً وعقلا وتجربة. فولاه مساحة ارض السواد من العراق فمسح سواد الكوفة وجباه مائة مليون درهم، وفعل بالشام كما فعل بالعراق فترك أهله ذمة يؤدون الخراج إلى المسلمين. قال أبو يوسف القاضي: إن الذي رآه عمر من ترك الأرض في أيدي أصحابها وفرض الخراج عليها هو توفيق من الله فيه الخيرة لجميع المسلمين؛ ولو لم يفعل ذلك لما شحنت الثغور وقويت الجيوش على السير في الجهاد.

وفي عهده وضعت القاعدة القائلة (أيما دار من دور الأعاجم ظهر عليها الإمام وتركها في أيدي أهلها فهي ارض خراج؛ وإن قسمها بين الذين غنموها فهي ارض عشر. وكل ارض من أراضي الأعاجم صالح الإمام أهلها عليها وجعلهم ذمة فهي ارض خراج) فضرب على

<<  <  ج:
ص:  >  >>