للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأرض الخراجية مالاً مقطوعاً يستأداه أصحابها العاملون بها في حالتي الخصب والجدب؛ وجعل هذا الخراج يختلف باختلاف خصب الأرض وأسلوب الري والقرب من المدن الحافلة بما في ذلك من العون على كثرة الاستغلال وبيع الغلة؛ وجعل العشر في الأراضي العشرية على ما يشرب من ماء المطر ونصف العشر على ما يسقى بالدلو، وجباه على ما يبقى في أيدي الناس من الغلة الأرضية كالحبوب ووضعه أي رفعه عما لا يبقى كالبطيخ والخضر، كما وضعه عن المسلمين في البلاد التي فتحها وأقطعهم إياها، وقال ليس على المسلمين عشر وإنما العشر على اليهود والنصارى. وقال: يا معشر العرب احمدوا الله الذي وضع عنكم العشور. فهو أول من مسح الأرض ودون الدواوين ووضع أصول الجباية ورقم الداخل إلى بيت المال والخارج منه. وهو الذي رتب الجزية على الرجال من غير المسلمين وكلف غنيهم بثمانية وأربعين درهماً، ومتوسطهم بأربعة وعشرين، وفقيرهم باثني عشر في السنة، وقال درهم في الشهر لا يعوز أحداً. وجعل المعادن لمخرجها على أن يؤخذ منه خمس المستخرج لبيت المال؛ وكذلك ما يخرج من البحر من حلية وعنبر. وهو الذي وضع اكثر القواعد المالية فلم يجرؤ من جاء بعده على مخالفتها، فبقي جانب عظيم منها نافذاً في عهد الأمويين والعباسيين واستمر بعضها حتى الزمن الحاضر.

كانت منابع بيت المال في عهد الخلفاء الراشدين منها المقرر ومنها الطارئ؛ فالمقرر هو الخراج والعشر والصدقات والجزية، والطارئ هو العشور والغنائم والافياء والأموال المستخرجة من العمال وعوائد المصادرة وأمثال ذلك. فالخراج هو ما كان يوضع على الأرض التي استولى عليها المسلمون وتركوها في أيدي أهلها ملكا لهم، فكانوا يجعلونه أحياناً خراجا موظفاً ثابتاً كما جرى في سواد العراق، وأحياناً خراج مقاسمة. وبقيت ضياع البطارقة والأمراء المنهزمين ملكا لبيت المال يقبلها العمال ويستثمرونها لحساب الخزينة العامة. والعشر هو الحصة الشائعة المضروبة على حاصلات الأرض التي اسلم أهلها عليها من ارض العرب أو العجم كالمدينة واليمن، لو ملكها المسلمون عنوة من قوم لا تقبل منهم الجزية كعبدة الأوثان والمجوس؛ ومثلها الأرض التي احتازها المسلمون وقسموها بين الغانمين.

والصدقات هي ما يعطيه المسلمون من أموالهم المنقولة ومكاسبهم؛ وكانت في الغالب بمعدل

<<  <  ج:
ص:  >  >>