وإنما على الفنان أو المبدع أن يذهب متحريا عنها في أطواء هذا العالم الخفي.
ولقد كان للمدرسة الرمزية اتباع وأنصار، اتخذوا الصحف الخاصة والمجلات الخاصة، يذيعون بواسطتها عن مدرستهم وآثار مدرستهم، ويردون بمكرهم مكر خصومهم واكبر هؤلاء الأنصار وأكثرهم ذيوعاً:
غوستاف كاهن: ومن آثاره الشعرية (القصور البدوية) وأغاني الحب ومسكن الجنية وكتاب الصور، وهو أول من كتب بلغة الشعر المنثور وجعل للشعر المنثور حدوداً وقواعد! وظل أسلوبه يغلب عليه الأسلوب المدرسي. وقيمة الرمز في شعره نشأت عن عواطفه التي أراد أن يتغنى بها، والتي تعبر عن ألوان النفس الناشئة كأنها رغبة محيطة مبهمة أو قلب دفين! ولكي يعبر عن هذه الألوان المختلفة لجأ إلى الرموز والتعابير المبهمة وكل ما فرضته الرمزية من أنواع التلقين.
و (جورج رودانياخ) الشاعر البلجيكي وهو ممن غلب على أسلوبهم الأسلوب المدرسي برغم ما تناول أسلوبه من معاني الرمزيين ومن آثاره التي نمت بالمدرسة الرمزية (مملكة الصمت) والحياة المسورة. هي مقاطيع تحف بها غفوات حالمة وهدءآت خفية. ونفوس يؤذيها الضجيج ومناظر قد يزورها الطرب أو الكابة تتمشى خلالها أخيلة النسيان والموت. ولقد كان لهذا الشعر الناحل المتزهد تأثير كبير.
و (بول فور) الذي أبدع (المسرح الفني) صاحب (الارانيم) وصاحب طريقة الشعر المنثور التي عاناها كثيرون قبله، فلم يستطيعوا أن يمرنوا على هذه الطريقة حتى جاء ابن بجدتها والضارب فيها كيف يشاء ولقد اخضع الإيقاع لوحي شعري حيث تتعالى الصور بدون أن تنفد طورا واضحة وتارة سرية محزنة، فيه شيء من الواقعية يمتزج مع التلقين الرمزي فتبقى المقطوعة الشعرية معلقة بين خيال الواقع وخيال الاسم كما أن (الإيقاع) يعلق بين الشعر والنثر.
(وفرنسيس جامس) صاحب ديوان (من صلاة الصبح إلى صلاة المساء) وانتصار الحياة. يغلب على أسلوبه هذا القتام الرمزي حيث ترى الرمز يدخل في السر والظل، ويغيب في الأحلام وجامس يرى الشعر - بخلاف غيره - في الأشياء البسيطة التي يلمحها وفي الحظوظ المتواضعة. وتظهر على شعره آثار الفاقة والمسكنة وها هو ذا يقول: