واصلها وخواصها وأحوالها وأنواعها وتغيراتها. . . . الخ، والثالث في الطاقة وأبحاثها وآثارها. . . . الخ.
وأنت واجد في المقدمة إهابة بالمسلمين ومعاهد الدراسة الإسلامية ألا يغفلوا مباحث الفطرة وعلوم سنن الحياة لأن العلم بها جزء من العلم بدينهم وأصل من أصول قرآنهم الذي يتحدث بخمس آياته عن الطبيعة والنظر في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء وكيف بدأ الخلق. . . وان يعلموا أن رجل الدين لا يسيغ العلم إلا إذا قدم له بروح الدين، ورجل العلم لا يسيغ الدين إلا إذا قدم له بروح العلم، وهي حقيقة نفسية يجب أن يلتفت إليها. وفي التمهيد بحث قيم عن موضوع العلوم الطبيعية واثر دراستها في الوصول إلى فاطر الخلق والتوحيد بها بين العقل والقلب والعلم والعبادة.
أما الباب الأول فهو بحث جديد قيم عن العلم والدين، جدير بان يترجم إلى المجامع العلمية، وان يدرس في المعاهد الإسلامية، لان الأستاذ استطاع أن يبين بوضوح قرآنية اسم (العلم) بمعناه المحدود العصري، وقرآنية (موضوعه) وقرآنية (طريقته) ففتح بذلك فتحا جديدا (لعلم الكلام) الذي يجب أن يكون في هذا العصر بعيدا عن منهج النظار والمتكلمين القدماء الذين كانوا يعتمدون على (تجريدات) الفلسفة اليونانية.
إن قوانين العلم التي استخرجها الأستاذ من القرآن الكريم شيء ثمين جداً سيكون له أثر عظيم في تطور الفلسفة الدينية، وفي لفت الأنظار إلى القرآن الذي أتى بذلك قبل أن يأتي به فلاسفة العلم المحدثون بأحقاب وازمان؛ فالبرهان للإثبات، والحذر من تطرق الظني إلى اليقيني، والغرضي إلى الظني، ومنع الخلط بين الأشخاص في المبادئ ومنع التقاليد وتحكيم العقل العام ثم قانون توافق واطراد الفطرة ثم اعتبار أصل المشاهدة واستعمال الحواس، كل أولئك استطاع أن يتبسط فيه الأستاذ المؤلف بالشرح والبيان وان يستخرج مستنداته من القرآن الكريم، وان يحبكه حبكة علمية بإخراج فني أخاذ.
وأضف إلى ذلك انه عقد مقارنة بين العلم القديم والعلم الحديث فيها كثيرا من أغلاط العلم القديم التي جره إليها طريقته وافتراضاته. وقد وقع بعض المسلمين في خطأ كبير وأثم عظيم باعتمادهم على ذلك الأسلوب الفرضي حتى لقد بلغ بهم الأمر أن كانوا يردون القرآن إليه مع إن منهاج القرآن في طرق الإثبات والاستدلال واضح بينهم ينكر عليهم