للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فيلدنج وديفر وسمولت كتاب قصص المغامرات، وجين أوستن وشارلوت برونتتي ومسز جاسكل مؤلفات قصص المجتمع، وسكوت صاحب القصص التاريخية، ودكنز وبتلر أصحاب القصص الإصلاحية، وكونان دويل مخترع القصص البوليسية الذي صير اسم شرلوك هولمز علماً على ذلك الضرب من القصص، إلى غير هؤلاء من القصصيين الذين لا يحصون، وإلى غير تلك من ضروب القصص التي لا تستقصى. وفي تلك القصص تناول القصصيون أطراف الحياة المتباعدة وأمتعوا النفوس وأرضوا الفن، وما زالت القصة في صعود وكأنها لما تبلغ ذروتها.

وفي خلال ذلك الوقت كانت الرواية التمثيلية تتطور وتبعث بعثاً جديداً، على صورة مماثلة للقصة المقروءة، قوامها النثر السهل المرسل والواقع الحاضر، ومرماها درس المجتمع والشخصيات وتحليل الآراء والمذاهب، وظهر في مجالها أرنولد بنيت وبرناردشو وجالزورذي وغيرهم، وإلى الأخيرين يعزى الفضل في كثير من الإصلاح الذي طرأ على النظم الاجتماعية والمذاهب الفكرية في الجيل الأخير، حتى شبه شو بمكنسة كهربائية ذهنية، تنقي أوضار العقول من خرافات وتعصب وحماقات وتقاليد فاسدة.

وكان للعرب في جاهليتهم قصصهم وأخبارهم وأيامهم وأساطيرهم، متداخلاً كل ذلك في شعرهم ونثرهم، مختلطا بثقافتهم ودينهم، وقد تخلف كثير من ذلك بعد ذهاب الجاهلية، وظل مختلطاً بالأدب ممتزجاً بالتاريخ، يظهر في كتابات الجاحظ والأصمعي والطبري والاصبهاني، وغيرهم من الكتاب والمؤرخين على السواء؛ وحيكت نوادر جديدة حول أعلام الحب والحرب، وكابن أبي ربيعة وأبي نؤاس وعنترة ومهلهل؛ وحوى القرآن الكريم طرفاً جليلاً من شائق القصص، وما زالت السور المحتوية على قصص يوسف ومريم ونوح من أقرب سور القرآن إلى نفوس الخاصة والعامة؛ ثم انتشرت الكتابة وذاع النثر الفني، فدخل القصص طوره الثاني: الطور الذي فيه يستخدم وسيلة لغيره، فاتخذ في كليلة ودمنة وسيلة لبث الحكمة، وفي رسالة حي بن يقظان ذريعة لشرح مسائل الفلسفة، ولا حاجة إلى القول بأن خصائص القصة الفنية في هذه الكتب وأمثالها كانت ضعيفة واهية.

ثم تمهدت بعض أسباب دخول القصة في طورها الثالث الفني: باستقرار الحضارة والرفاهة، ونضج الثقافة ورواج سوق الأدب وكان ذلك في القرن الرابع، فبدأت تنمو بذور

<<  <  ج:
ص:  >  >>