الرغبة العلمية عند الدارس المتقصي الذي لا يرضى من المشكلة بأقل من الإحاطة بجميع نواحيها، وإن كانت هذه الندرة في المراجع لم تحل بين الباحثين المحدثين وبين معالجة هذه الفلسفة الشرقية ووضع المؤلفات الضخمة عنها مثل كتب:
(أ)(هيكل تاريخ الفلسفة الهندية) تأليف (ماسون أورسيل) وقد ظهر في سنة ١٩٢٣.
(ب)(تاريخ فكرة وحدة الوجود الهندية) تأليف (أولتترامار) ظهر في سنة ١٩٢٣.
(ج)(تاريخ الديانات) تأليف (دينيس سورا) ظهر في سنة ١٩٢٤.
(د)(أصول الديانة الإسرائيلية): (الجيوفية القديمة) تأليف (س. كوسان) ظهر في سنة ١٩٣١.
(هـ)(تاريخ الفلسفة الصينية) تأليف (زانكير) ظهر في سنة ١٩٣٣.
على أن هاتين العقبتين المتقدمتين لا تمنعاننا من أن نعتبر دراسة الفلسفة الشرقية هي أول ما يجب على المشتغل بدراسة الفلسفة الاعتناء به، أما امتزاج الفلسفة بالدين الذي كان من عوامل حروجة دارس موقف الفلسفة الشرقية فسنجتهد في حله بأن نعين مهمة كل من هذين الممتزجين اللذين عقد امتزاجهما الموقف وجعله من المشاكل العويصة.
ولكن قبل أن نعالج هذا الموضوع ينبغي لنا أن نشير إلى أن تلك العقبة الأولى الناشئة عن امتزاج الفلسفة الشرقية بالدين ليس مسلماً بها من جميع العلماء والباحثين المحدثين، إذ يصرح بعضهم بأن هذا الامتزاج ليس خاصاً بالشرقيين في العصور القديمة، وإنما هو طبيعة إنسانية عامة كما وجدت في مصر والعراق في الأزمان الغابرة، كما وجدت كذلك في أوربا في القرون الوسطى. وليس القديس (أوجستان) والقديس (توماس) والقديس (أنسلم) - وهم من مشاهير فلاسفة المسيحيين في أوربا - إلا مظاهر لهذه الفترة البشرية التي نشأت على مزج الدين بالفلسفة، بل إن (ديكارت) و (اسبنوزا) و (كانت) أنفسهم - وهم أعلام فلاسفة العصر الحديث - ليسوا إلا مظهراً آخر من مظاهر هذا الانعطاف الطبيعي. وإذاً، فرمى الشرق القديم وحده بهذه النقيصة - إن صح إنها نقيصة - ضرب من العنت والجور اللذين يجب أن يتنزه عنهما الباحث المحايد.
وسواء أصح الرأي الأول أم الثاني، فإننا سنحاول هنا أن ندرس الفلسفة الشرقية الممتزجة بديانات الشعوب التي ظهرت فيها، عاملين - كما قدمنا - على تمييز الفلسفة من العقيدة ما