للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وخواصها.

٣ - إن الباحثين الأثريين قد عثروا على كلمات: العدالة والفضيلة والنفس الحياة الأخرى في الشرق قبل مبدأ تاريخ وجودها في الغرب بقرون لا يعرف مداها، بل إنهم قد تأكدوا من أن الغرب لم ينطق بهذه الكلمات إلا بعد اختلاطه بالشرق.

٤ - إن علماء الرياضة قد فرغوا من تقرير أنه من غير الممكن أن تبنى الأهرام في بلد لم تقطع فيه الهندسة العلمية أشواطاً بعيدة.

وفي هذا رد بليغ على الذين يزعمون أن مصر لم يكن فيها هندسة علمية، وإنما كان فيها هندسة عملية فحسب.

٥ - هناك أدلة أخرى لم تصل من القوة العلمية إلى ما وصلت إليه الأدلة السابقة، وإن كان أنصار هذا الرأي يستأنسون بها مثل رحلة تاليس إلى مصر والشرق الأقصى، ومثل وجود العناصر الأولى من منطق أرسطو في المدارس الهندية السابقة لعصره، ومثل وجود الكلام عن الجوهر الفرد في المدارس الهندية كذلك أو وجود فكرة التناسخ عند المصريين والهنود وغير ذلك ممن يسند هذا الرأي الأخير ويقويه.

إذا عرفنا كل هذا وتبينا أن هذه الفلسفة اليونانية العظيمة إنما هي وليدة الأساطير الشرقية. فقد وجب على كل باحث في الفلسفة أن يبدأ بحوثه بفلسفة هذه الشعوب الشرقية، ليكون على بينة من العناصر الأساسية التي تكون منها الجسم المراد درسه

غير أن هناك عقبات ومصاعب اعترضت ولا تزال تعترض سبيل دارس الفلسفة الشرقية وتقفهم موقف الحروجة والعسر مثل:

١ - ما يزعمه بعض المتحاملين من المحدثين من أن فكرة بدء الخلق في الشرق تستمد عناصرها من الدين أكثر مما تستمدها من الفلسفة: وإن شئت فقل: إن الدين والفلسفة في الشرق شيء واحد، ولهذا لم يعرف للتاريخ نظرية فلسفية ظهرت في الشرق القديم مستقلة عن الدين، وإنما مهد النظريات الحرة البعيدة عن كل التأثيرات الدينية من غير استثناء هو بلاد الإغريق. وهذا هو الباعث الأول الذي قلل من أهمية دراسة الفلسفة الشرقية في نظر علماء العصور الحديثة وحط من قيمتها عندهم.

٢ - إن المصادر التي وصلت إلينا عن فلسفة تلك الشعوب الشرقية قليلة لا تكفي لإشباع

<<  <  ج:
ص:  >  >>