وكان سببهما أن صديق لي ضرب عبداً له، فحضره صديق له، فمنعه الصديق فلم يمتنع، فكتبت إليه بهذين البيتين أذكره بحق الصديق في عبودية الطاعة، وأخوة العبد في حق الإيمان قال (تعالى): (إنما المؤمنون أخوة) هذا مع ما في التسلط على المماليك من الدناءة.
٣٤ - يخاف أن أعلم عليه
في (زهر الآداب) للقيرواني:
قال الفتح بن خاقان: ما رأيت أظرف من ابن أبي دؤاد، كنت يوماً ألاعب المتوكل بالنرد. فاستؤذن له عليه، فلما قرب منا هممت برفعها، فمنعني المتوكل وقال: أجاهر الله بشيء وأستره عن عباده؟ فقال المتوكل لما دخل: أراد الفتح أن يرفع النرد، قال: يخاف (يا أمير المؤمنين) أن أعلم عليه. فاستحليناه وقد كنا تجهمناه
٣٥ - الوجه الحسن والشعر المطبوع
قال أبو عمر بن سالم المالقي: كنت جالساً بمنزلي بمالقة فهاجت نفسي أن أخرج إلى الجبانة، وكان يوماً شديد الحر فراودتها على القعود، فلم تمكنني من القعود، فمشيت حتى انتهيت إلى مسجد يعرف برابطة الغبار، وعنده الخطيب أبو محمد عبد الوهاب بن علي المالقي، فقال لي: إن كنت أدعو الله أن يأتيني بك وقد فعل فالحمد لله، فأخبرته بما كان مني ثم جلست عنده فقال: أنشدني، فأنشدته:
غصبوا الصباح فقسموه خدوداً ... واستوعبوا قضب الأراك قدوداً
ورأوا حصا الياقوت دون نحورهم ... فتقلدوا شهب النجوم عقودا
وتضافروا بضفائر أبدوا لنا ... ضوء النهار بليلها معقودا
صاغوا الثغور من الأقاحي، بينها ... ماء الحياة، لو اغتدى موروداً
لم يكفهم حد الأسنة والظبا ... حتى استعاروا أعينا وخدودا
فصاح الشيخ وأغمي عليه، وتصبب عرقاً، ثم أفاق بعد ساعة وقال: يا بني، أعذرني فشيئان يقهرانني ولا أملك نفسي عندهما: النظر إلى الوجه الحسن، وسماع الشعر المطبوع