(٢) أنه قد عثر على كثير من القبائل المتوحشة تجهل (التوتيميسم) جهلا تاما ولا تنظر إلى الحيوان إلا بمثل الإغضاء والإهمال الذين ينظر بهما إليه أرقى المتمدنين العصريين
(٣) إن المصريين القدماء كانوا يعتقدون أن عنصرهم هو السماء فلا يمكن أن ينتسبوا إلى الإنسان العادي فضلا عن الحيوان
(٤) أنهم صرحوا في عدة مواضع من آثارهم بأسباب تقديسهم لتلك الحيوانات، ولا يمت أي واحد من هذه الأسباب بصلة إلى تسلسلهم من الحيوان. وإذاً، فلا يمكن أن نسمي تقديس المصريين للحيوان:(توتيميسم) إلا إذا خرجنا بهذه الكلمة عن معناها الأصلي، وجعلناها مرادفة للتقديس فحسب بل مرادفتها للتقديس الناشئ عن البنوة أو القرابة. على أن الذين يوافقون من المستمصرين على تسمية تقديس المصريين للحيوان (توتيميسم) يجمعون على قصر هذه (التوتيميسمية) على عصور ما قبل التاريخ كما يجمعون على وجوب فصل عقائد تلك العصور (التوتيميسمية) عن عقائد العصور التاريخية الراقية.
أما منشأ هذه القداسة فهو يرجع - في رأي العلماء المحققين - إلى أنه قد حدثت حروب بين القبائل المصرية في عصور ما قبل التاريخ تجلت عن انتصار بعض هذه القبائل وانهزام البعض الآخر، فرمز المنتصرون لبلادهم ببعض الحيوانات القوية ولقرى خصومهم المنهزمين ببعض الحيوانات الضعيفة، فبقيت هذه الرموز دالة على معانيها ردحاً من الزمن ثم تعاقبت الأجيال فنسيت الأسباب الأولى وبقيت أسماء تلك الحيوانات عالقة بهاتيك القرى ورامزة لها في شكل خفي غامض. ولما كانت النفوس البشرية مجبولة على تقديس ما تجهله فقد قدست مصر تلك الحيوانات دون تفريق بين قويها وضعيفها.
ولما ارتقت مصر نوعاً، ونظمت بلادها وقسمتها إلى مقاطعات وأنشأ سكان كل مقاطعة على حدة راية خاصة بهم ظل بعض تلك الرموز القديمة باقياً ونقش كل منها على مقاطعته، كما اختفى البعض الآخر الذي لأمر ما لم يصلح للحياة، ولكن ذلك البعض الذي بقي لم يظل جامداً على راية حاله الأولى، وإنما تطور انسجاماً مع المدينة الحديثة مثل البازي الذي كان في عصور ما قبل التاريخ رمزاً لأحد الانتصارات الغابرة ثم أصبح في العصور التاريخية رمزاً للإله (هوروس) إله القوة والخير والبركة، وكالبقرة التي كانت