هو: توتيميسم، وهي كلمة تدل على قداسة الحيوان الناشئة عن اعتقاد القبيلة في قرابتها أو صلتها الوثيقة بهذا الحيوان، وهذا (التوتيميسم) موجود حقاً عند المتوحشين العصريين ولاسيما في أطراف أمريكا. وقد عني العلماء باستبطان دواخل هؤلاء المتوحشين، فسألوهم عن هذه الحيوانات المقدسة فأجاب البعض بأنها أجدادهم الأولون، وأنهم حين يقدسون هذه الحيوانات لا يزيدون على أنهم يجلون عنصرهم الأول ويحترمون دماء أسلافهم التي تجري في عروق هذه الحيوانات. ورد البعض الآخر بأنها أقارب أجدادهم، وأكد البعض الثالث أنها من خلفاء أولئك الأجواد، وأعلن الرابع أن الحيوان المقدس عنده إنما هو إله قبيلة.
وقد شاهد العلماء أيضا في بعض الجهات المتوحشة القبيلة تنقسم إلى أربعة بطون: البطن الأول يقدس الكلب، وهو جده الأعلى، والثاني يقدس الخنزير. وهو عنصره الأول. والثالث يقدس الوزغ، وهو مبدؤه الأساسي. والرابع يقدس التمساح، وهو رأس الأسرة الأولى من هذا البطن.
فلما رأى العلماء هذا التقديس للحيوان عند الشعوب المتوحشة ورأوه عند المصريين الغابرين، جزموا بأن أولئك وهؤلاء متشابهون في عقيدتهم وتقديسهم لا يفرق بينهم إلا هذه العصور المترامية الأطراف
وقد أفاض بعض هؤلاء العلماء في هذه الموازنة إفاضة أنزلت أراءهم منزلة خيال الشعراء وأحلام النائمين. وأبرز هؤلاء العلماء الحالمين هو الأستاذ (فرازير) الإنجليزي مؤلف كتاب (الغصن الذهبي)
وقد عارض كثير من العلماء الأدقاء في هذه المشابهة معارضة شديدة وصرحوا بأنها تنقصها الأسانيد العلمية التي يعتمد عليها من ناحية، وبأنها غير متناسقة الجزئيات من ناحية أخرى، واستدلوا بأدلة على أن منشأ تقديس الحيوانات عند المصريين ليس هو (التوتيميسم) وإنما هو سبب آخر سنذكره هنا. وإليك شيئا من هذه الأدلة:
(١) أن المصريين القدماء كانوا يبيحون زواج الأخ من أخته مع أن جميع قبائل التوتيميسم تعد هذا العمل أكبر جرائمها التي تستوجب السخط والغضب، بل أنها مجمعة من غير شذوذ واحد منها على أن زواج الرجل بامرأة من البطن الذي هو منه محرم، وهذا خلاف