واللهو، واخذ حظه من الدنيا الغادرة وجعل شعاره: خذ العيش، ودع الطيش. وكان ريحانة الأكابر لا يأنسون بمجلس لا يضمه. وكان صديقا لأبي سهل الزوزني قد أحكمت مودتهما أواصر الأدب. وكانا يتلازمان ويعكفان على المدام. بكر القاضي منصور يوماً إلى لهوه وشرابه، وأرسل إليه أبو سهل أبياتا، فأجاب بديهة على رويها؛ وأعاد أبو سهل الكتابة فأجاب أبو منصور ولم يحضر ومضى اليوم.
وهذه هي الأبيات التي كتبها الشيخ أبو سهل الزوزني:
أيها الصدر الذي دا ... نت لغرته الرقاب
انتدب ترضى الندامى ... هم على الدهر كتاب
وأَسغ غصة شرب ... ليس يكفيها الشراب
واحضرن لطفا بناد ... فيه للشوق التهاب
ودعا العذر وزرنا ... أيها المحض اللباب
بينك المر عذاب ... وسجاياك عذاب
إنما أنت غناء ... وشراب وشباب
جودك المرجو بحر ... فضلك الوافي سحاب
إنما الدنيا ظلام ... ومعاليك شهاب
فأجابه القاضي في الوقت:
أيها الصدر السعيد ... الماجد القرم اللباب
وجهك الوجه المضيء ... رأيك الرائي الصواب
عندك الدنيا جميعا ... وإليها لي مأب
ولقد أقعدني السك ... ر وأعياني الجواب
في ذرى من قد حوى من ... كل شيء يستطاب
ولو استطعت قسمت الج ... سم قسمين لطاب
غير أني عاجز عن ... هـ وقلبي ذو التهاب
فبسطت العذر عني ... في أساطير الكتاب
وكتب إليه أيضا أبو سهل: