كما قلت. وهذا نموذج منها:(. . . . وبعد فإني لم اسمع باسمك من قبل، ولكني مرضت ودخلت المستشفى، وجاءني زائر فترك لي كتاباً أتسلى به، غير إني لم استطع أن أتصفحه في أول الأمر لشدة وطأة المرض، فلما خف قليلاً مددت يدي إليه وبدأت أطالع. وأؤكد إنه سرني جداً. وأنا صحيح الجسم في العادة، ولكن الأمراض لا أمان لها، كما تعرف، فأرجو أن تبعث إلي بمجموعة من كتبك كلها - ومعها جملة ثمنها - استعداداً للطوارئ فإن الحيطة واجبة وإن كان الأمر كله بيد الله
وتقبل سلام المعجب بك المعتمد بعد الله عليك)
وفي وسع القارئ أن يدرك مبلغ حيرتي، فإنه لا يسعني إلا أن أتمنى لمثل هذا الرجل الصحة والسلامة، ولكن المصيبة والبلاء العظيم إنه إذا صح وسلم كان خليقاً أن لا يعود إلى كتبي ليقرأها، فما العمل؟. . هذه هي المسألة - كما يقول هملت - وليس ذنبي إن الأمراض تحبب الناس في كتبي، فإذا كنت أسر حين أقرأ في الصحف إن الملاريا انتشرت فإن لي العذر، فما كان هذا ظني، ولا خطر لي قط على بال، ولكن مشيئة الله جعلتني مثل (الحانوتي) الذي يسره ويفرحه ما يحزن الخلق ويبكي المفجوعين. ولهذا ترونني إذا سمعت بفشو مرض أدخل مسروراً على أهل بيتي وأقول لزوجتي:(خذي يا امرأة. . (وألقي إليها بكل ما يكون معي، قل أو كثر) خذي وانفقي بلا حساب، فإن ما عند الله أكثر)
فتعجب وتسألني:(ماذا جرى؟. . . هل ربحت ورقة يانصيب؟.)
فأقول منكراً عليها هذا الخاطر:(وهل مثلي يعنى بورق اليانصيب؟ سبحان الله يا امرأة في طبعك!)
فتقول ضاحكة:(ولكن ألا تخبرني؟. . إنني أكاد أموت شوقاً إلى المعرفة)
فأقول وأنا أرمي إليها بالصحيفة التي قرأت فيها خبر المرض المتفشي، وعجز وزارة الصحة عن مكافحته:(خذي واقرأي، وأشكري الله، وقبلي يدك بطناً وظهراً، فلن نجوع أو نفتقر، مادام في الدنيا شيء اسمه مرض وشيء آخر اسمه وزارة الصحة. لقد جعلوها وزارة. . . رفعوها ورقوها ووسعوها. . أليس هذا باعثاً قوياً على الاطمئنان والثقة بالله؟)
وقد بالغت حين قلت إني محبوب من اللصوص وما أردت إلا أن لصاً واحداً - على ما