يظهر لي الآن - هو الذي يحبني، فلقد تلقيت مرة كتاباً يذكر لي فيه إنه سمع باسمي وشهرتي، فعرف إني كاتب عظيم جداً، فهو يكتب إلي مستنجداً فقد اتهموه بسرقة كلب. والقضية معروضة على القضاء، وكان محبوساً رهن التحقيق، ثم أفرجوا عنه بالكفالة الشخصية، وهو يحتاج إلى محام يدافع عنه ولكنه لا مال معه فهل أستطيع أن أدله على محام كريم، أو أعينه بطريقة أخرى. .؟ وهو يترك الأمر بين يدي واثقاً من مروءتي وكرمي فإن مثلي لا يخيب من يقصده
هذا هو الزبون الجديد، وقد قلت لنفسي لما تلقيت هذا الكتاب العجيب:(والله نجحت يا مازني!. . بلغت شهرتك أخفى الزوايا وتغلغلت إلى لصوص الكلاب. . ما شاء الله!. أحسب أن اللص حين يخرج إلى السرقة بعد اليوم، ستقول له زوجته أو أمه أو لا أدري من غيرهما:
(هل أنت متأكد إن معك كل ما تحتاج إليه؟)
فيقول:(أيوه. . أيوه)
فتقول:(أحذر أن تكون نسيت الطفاشة!. . العدة كلها معك؟. .)
فيقول:(قلت لك أيوه. . ألا تسمعين؟)
فتقول:(والمازني؟. . هل أخذته معك؟. .)
فيقول:(أوه. . طول الليل وأنا أقرأ كتابه. . وهل أستطيع أن أعمل شيئاً دون أن اقرأه؟. . أتظنينني مغفلاً؟ أم تحسبين أني حديث عهد بالفن؟)
فتقول:(لا. . إنما أردت أن أطمئن. . وأسمع. . أمش بحساب. . والبس القفاز قبل أن تلمس أي باب أو مفتاح أو حائط. . حاذر!)
فيقول:(اطمئني. . كل شيء على ما يرام. . ومعي المازني فلا تخافي ولا تقلقي)
ويلمس صدره حيث وضع الكتاب تحت ثوبه
ولكل قاعدة شذوذ واستثناء. وقد حدث منذ بضعة أيام ما كاد يغريني بتغيير رأيي في طبقات القراء الذين يحبونني ويؤثرونني على من عداي من كتاب هذا الزمان. ذلك أني كنت مدعواً إلى مأدبة عشاء فأتفق أن أجلسوني إلى جانب سيدة عجوز شمطاء، ودار الكلام على الأكل وكان بعض الذين يخاطبونني يدعوني:(الأستاذ) والبعض يؤثر أن