للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

كنوز أثرية أخرى، تحتفظ بأعظم مجموعة من آثار العصور الوسطى يمكن أن تفخر بها مدينة عظيمة ومنها آثار المدينة الألفية القديمة التي مازالت ماثلة إلى يومنا

والقاهرة ليست مدينة عظيمة فقط، وإنما هي كباقي حواضر العالم القديم عنوان حضارة ومجمع تاريخ؛ وتاريخ الأمصار العظيمة من أهم النواحي في تاريخ الحضارات والدول، ولاسيما في العصور الوسطى، حينما كانت حياة المدينة ترتبط أشد الارتباط بمصاير حضارة أو دولة معينة. وإذا كان تاريخ أثينة والمجتمع الأثيني يعني تاريخ اليونان القديم دولة وحضارة، وإذا كان تاريخ رومة ومجتمعاتها في عصور الجمهورية والإمبراطورية، هو تاريخ الرومان والحضارة الرومانية، وإذا كان تاريخ قسطنطينية في العصور الوسطى، هو تاريخ الدولة البيزنطية وحضارتها، فإن تاريخ القاهرة وتاريخ أسرها الملوكية ومجتمعاتها الرسمية والشعبية هو تاريخ مصر الإسلامية وتاريخ حضارتها في العصور الوسطى

ولا ريب أن العيد الألفي لمصر من الأمصار التالدة أو منشأة من المنشآت الجليلة هو من الحوادث القومية العظيمة التي يحق للأمم أن تفخر بها وتعتز؛ ذلك أن هذه الأعياد الألفية ليست من الأحداث العادية في تواريخ الأمم، بل هي بالعكس أحداث فريدة نادرة، ومثلوها في تاريخ أمة من الأمم دليل على عراقة هذه الأمة في ماضيها وحضارتها ودليل على ما تمتاز به من الحيوية والصفات الأزلية؛ ومصر أمة أزلية بلا ريب، وهي من هذه الوجهة تستطيع أن تتيه على لمم الأرض جميعاً بما حباها الله به من صفات الأزلية والخلود التي ترجع بها إلى ما قبل عصور التاريخ؛ وتتخذ الأمم العظيمة من الإشادة بهذه الذكريات والخواص الأزلية وسيلة للدعاية، وتحيطها بأعظم مظاهر التكريم، وتتبع في ذلك سياسة ثابتة تقوم على تنفيذها هيئات خاصة يقظة لكل ما يجد من هذه المناسبات؛ وقد تضع هذه الهيئات برامجها وتبدأ استعداداتها للاحتفاء بإحدى الذكريات القومية العظيمة قبل وقوعها بأعوام عديدة، فإذا حل موعد الذكرى كانت الاحتفالات العظيمة والمهرجانات الباذخة والمظاهرات القومية الرائعة التي تحج إليها الوفود من كل صوب، والتي تتخذ وسيلة للدعاية الواسعة في سائر الأقطار الأخرى

ولنن يمض سوى القليل حتى تواجه مصر عيدين من أجل الأعياد القومية: هما العيد الألفي

<<  <  ج:
ص:  >  >>