لقيام القاهرة المعزية، والعيد الألفي للجامع الأزهر؛ فماذا فعلت دوائرنا الرسمية والعلمية للاحتفاء بهذين الحادثين العظيمين؛ أكبر الظن أنه لم تتخذ حتى الآن أية خطة رسمية مقررة في هذا الشأن سوى ما رددته مشيخة الأزهر منذ ثلاثة أعوام في شأن الاحتفال بعيد الأزهر، ثم انقطع صداه بعد حين؛ وأكبر الظن أنه سيمضي حين آخر قبل أن توضع برامج أو تتقرر اعتمادات أو تتخذ أهبات في هذا السبيل؛ فإذا وفقت الجهات المختصة إلى اتخاذ أية خطوة عملية كان ذلك بعد فوات الوقت أو في آخر لحظة، وعندئذ يجيء الاحتفال خلواً من الروعة التي يجب أن تحاط بها مثل هذه المناسبات
والواقع أن ما تبقى من الوقت بيننا وبين هذين العيدين الجليلين لا يكاد يكفي لاتخاذ أهبات غير عادية؛ فليس بيننا وبين عيد القاهرة الألفي الذي يقع في شعبان سنة ١٣٥٨ سوى ثلاثين شهراً؛ ويقع العيد الألفي للأزهر بعد ذلك بعدة أشهر في جمادى الأولى سنة ١٣٥٩؛ بيد أنه مازال ثمة متسع من الوقت يكفي للعمل الجدي المتواصل في سبيل تنظيم الاحتفاء القومي بهذين العيدين في نوع من الفخامة والجلال
ولقد كانت القاهرة المعزية منشأة فاطمية، نمت وترعرعت في كنف الدولة الفاطمية الباذخة، وشهدت في ظلها ألواناً ساحرة من الفخامة والبذخ والبهاء، يقصها عليك المؤرخون المعاصرون مثل المسبحي وابن الطوير وابن المأمون؛ وكان الأزهر غرس الدولة الفاطمية اليانع، بل كان أينع ما غرست دولة إسلامية، وأعظمه قدراً، وأبعده أثراً، وأبقاه على كر العصور؛ ولقد قامت الخلافة الفاطمية بمصر بعد قيام القاهرة والجامع الأزهر بقليل، في رمضان سنة ٣٦٢هـ (يونية سنة ٩٧٣م) حينما قدم المعز للدين الله أول الخلفاء الفاطميين بأهله وماله إلى القاهرة عاصمته الجديدة؛ ففي أعوام قلائل يكون قد مضى ألف عام على قيام الخلافة الفاطمية بمصر، وقد كانت هي الخلافة الإسلامية المستقلة الوحيدة التي قامت بمصر الإسلامية، وعاشت في ظلها أكثر من قرنين
أفلا يجمل أيضاً أن نحتفي بذكرى الخلافة الفاطمية منشئة القاهرة والجامع الأزهر لمناسبة مرور ألف عام على قيامها بمصر؟
إن ذكرى الخلافة الفاطمية ترتبط أشد الارتباط بذكرى القاهرة والأزهر حتى إنه ليصعب أن نحتفي بعيديهما دون أن تشغل ذكرى الخلافة الفاطمية مكانتها في هذين العيدين؛ ولن