يكون للإشارة بهذه الذكرى سوى معناها التاريخي الجليل، ولن تحيط بها أي اعتبارات دينية أو مذهبية؛ ونذكر للتنويه بهذا المعنى التاريخي الجليل، أن إسبانيا النصرانية لم تر بأسا من الاحتفاء بذكرى الخلافة الإسلامية؛ ففي سنة١٩٢٩ احتفلت جامعة قرطبة بذكرى الخلافة الإسلامية لمناسبة مرور ألف عام على قيامها بقرطبة؛ وقد كان قيام الخلافة الإسلامية في قرطبة كما نعرف سنة ٣١٧هـ الموافق لسنة ٩٢٩ميلادية، وكان أول خلفاء الأندلس من بني أمية عبد الرحمن الناصر، وهذه الذكرى التاريخية الجليلة هي التي احتفلت بها جامعة قرطبة في سنة ١٩٢٩، وكان لتصرفها أجمل وقع في العالم الإسلامي
ولقد جرت مصر الفتية الناهضة على انتهاز كل الفرص والمناسبات العلمية والاجتماعية الدولية والاشتراك فيها، والإعلان عن نفسها بأحسن ما تعلن أمة حديثة ناهضة؛ وهي تلبي كل عام عشرات الدعوات لشهود المؤتمرات والمعارض الدولية المختلفة والمهرجانات العلمية ولا تبخل في ذلك السبيل بالاتفاق لأنها تقدر كل ما تجنيه من الفوائد المعنوية والمادية من الاشتراك في تلك الاجتماعات الدولية الكبيرة؛ وقد كانت آخر مناسبة من هذا النوع اشتراكها في معرض باريس الدولي، وهو اشتراك اقتضت نفقاته الرسمية منها زهاء عشرين ألف جنيه؛ فهل تبخل مصر بأن ترصد مثل هذا المبلغ بل أن ترصد أضعافه للاحتفال بعيد القاهرة وعيد أزهرها الألفي؟
إن إقامة مهرجان ألفي لمدينة القاهرة تحج إليه وفود الأمم من أنحاء الشرق والغرب يكون أعظم دعاية لمصر التالدة ومصر الفتية الحديثة معاً، وأعظم وسيلة للتعريف عن ماضيها الباهر وعظمتها السالفة؛ وأن إقامة مهرجان ألفي للجامع الأزهر تشترك فيه وفود الجامعات والهيئات العلمية من جميع الأمم يكون مظاهرة إسلامية علمية رائعة للإعلان عن الدور العظيم الذي أدته الجامعة الألفية في تكوين التفكير الإسلامي لا في مصر فقط ولكن في العالم الإسلامي كله، وعن الصرح العلمي العظيم الذي كان الأزهر قوامه والذي لبث ملاذ التفكير الإسلامي والآداب العربية قروناً مديدة ولاسيما في عصور الاستعباد والانحلال الفكري والاجتماعي
تلك دعوتنا المتواضعة نرسلها للمرة الثانية راجين أن تجد صدى قوياً في دوائرنا الرسمية والعلمية، فتعمل على تحقيق هذه الأمنية القومية الكبرى بكل ما يجب لها من روعة وجلال