للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البلاء. . ومن حسن حظ ابن الرومي - أو من سوء حظه، لا أدري - أن الناس في زمانه كانوا لا يحلقون لحاهم كل يوم كما نفعل نحن تقليداً لكن يا بنات حواء. . غريب! ينفر الرجال من مظاهر الرجولة ويدأبون على محوها كل يوم!. . . ولا نرى المرأة تحاول أن تكون لها لحية كالرجل!. . لا تخافا فلست أنوي أن ألقي محاضرة عليكما، ولكنه يخطر لي الآن أن من غير المقبول من الرجل أن يتجّمل ويحاكي المرأة ويحاول منافستها في مزيتها فهل هذا يا ترى تخنث منه؟ أم هو من الرغبة في أن يتسلح للنضال بكل سلاح؟. . ما علينا!. . فلنرجع إلى ابن الرومي: كان هذا يا ستي ذا لحية خفيفة قليلة الشعرات، ولكنها لحية على كل حال؛ وكان يأسف لأن (السيفتي ريزور) - آلة الحلاقة الحديثة - لم تكن قد اخترعت في زمانه. .)

فقالت الصغيرة محتجة: (يا عمي ما هذا الكلام؟. . كيف يمكن أن يأسف على شيء لم يكن يعرف أنه سيكون؟)

قلت: (والله ذكية يا ملعونة!. . نهايته. . الحق معك. . فهل الأصح أن أقول إنه لم يكن يأسف على عدم اختراع السيفتي ريزور؟. . سيان؟. . هيه؟. وكان يا ستي يخاف من البرد جداً، فكان إذا دخل الحمام - أعني إذا أراد أن يستحم - يوقد فيه النار ليضمن لنفسه الدفء حين يكون فيه ويملاْ الطشت بالماء الساخن، ويعد الليف والصابون النابلسي الجيد - أم ترى هذا لم يكن معروفاً؟. . لا بأس - ويطلق البخور ثم يدخل متوكلاً على الله، متوسلاً إليه تعالى أن يحرسه في الحمام، وأن يخرجه منه بخير وسلام. .)

فقالت الصغيرة: (أكان يخاف إلى هذا الحد؟. . لماذا؟ مما كان يخاف؟)

قلت: (أوه، لا أدري!. يظهر أن كلباً كلباً - مسعوراً - عضه في طفولته ولم يشف قط، أو لم يشف تماماً. . كووه بالنار أو لا أدري ماذا فعلوا به. . ولكنه لم يشف)

فقاطعتني سائلة: (صحيح يا عمي؟. . مسكين!)

قلت: (لا أدري. . هذا تخمين. . وإلا فلماذا كان يخاف من الماء كل هذا الخوف حتى ليقول:

وأيسرُ إشفاقي من الماء أنني ... أمرُّ في الكوز مر المجانب

وأخشى الردى منه على كل شارب ... فكيف بأمنيه على نفس راكب؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>