للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وألح في أن ترد الأمور إلى نصابها، كيف أنفق بقية حياته عزيزا كريما أبيا يرقب الحوادث وينتهز الفرص وينتظر أن يدعوه الواجب الوطني فيستجيب له. ولكن دعوة الموت سبقت دعوة الواجب الوطني، فأسرع عدلي إلى حيث أراد له من هذه الحياة الخالدة. حياة الكرامة والنعيم. وتريد الأقدار أن يموت عدلي حيث مات صديقه الحميم ثروت في باريس بعيدا عن الوطن، وتريد الأقدار أن يموت عدلي كما مات صديقه الحميم ثروت ومصر في أزمة سياسية عنيفة تعتمد عليه وتعقد به أوسع الآمال. فإذا هي تمتحن فيه وتحرم معونته، ثم تريد الأقدار أن ينتقل عدلي إلى وطنه في نفس السفينة التي نقل فيها ثروت، وهي (البروفيدنس)! أفترى الأقدار قد رعت حرمة هذه المودة الصادقة الخالصة التي كانت بين هذين الرجلين العظيمين، فأرادت أن تلائم بينهما في الموت كما لاءمت بينهما في الحياة؟

طه حسين

<<  <  ج:
ص:  >  >>