فليس في هذا وجاهة؛ لأن الباحث لا يختص ببحثه أرضا ولا بلداً؛ وفي العالم أقطار كثيرة قد حرمت هذه النعمة، ولابد من تزويدها بأشعة مستخرجة من قشر الخيار، ومع هذا فإن هنالك شكا كبيراً في أن الأشعة التي تتأثر بها وتتعرض لها هاهنا، هي من ذلك النوع الخياري الممتاز، وإلا لما انتشرت البلادة في وادي النيل السعيد كل هذا الانتشار. فلقد بات من الثابت المعلوم أن للخيار مقدرة فذة يمتاز بها على سائر الكائنات في استخلاص الأشعة النقية - فوق البنفسجية وتحتها - وتثبيتها في ثنايا قشوره
هذا بحث طويل عريض عميق أرجو أن تسلط عليه غبارك الذي لا يشق، من أجل تبويبه وتفصيله وترتيبه.
بقي البحث الرابع الذي أرجو أن يكون شهياً مُمتعا، وهو (في أثر الموسيقى في طول الأنف وعرضه وارتفاعه) فقد تعلم غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر أن الأنف أشرف الأعضاء وأمثلها، وأن العرب كانت لا تجد مدحا أسمى ولا شرفا أعلى من أن يكون الرجل أشمَّ العِرْنين، ولم تنحط الزَّنج عن سائر الشعوب والأجيال، ولم يستعبدهم الناس استبعادا إلا لما في أنفهم من الفطس. والذين زعموا أن فطس الأنف عند الزنج راجع إلى بيئتهم لم يأتوا بشيء؛ والصحيح عندنا أن هذا راجع إلى موسيقاهم وغنائهم المنحرف كما وصفه ابن خلدون. ودليلنا في هذا محسوس وملموس، ذلك أن الشعوب المتمدنة من أهل أوربا وأمريكا، منذ اتخذوا موسيقى الزنج للهوهم ورقصهم قد استعرضت أنوفهم، واستولى عليها الفطس، كأنما القوم يجلسون على أنوفهم إذا جلسوا لا على مقاعدهم. وقد قام بعض الباحثين المحققين بقياس سعة الأنف وارتفاعه، فبدا له انخفاض محسوس في الأنوف اليوم، بالنسبة لما كانت عليه في أواخر القرن الماضي وخرج من هذا البحث إلى نظريته المعروفة بأن العالم سائر كله إلى الفَطَس، وأن الكبرياء والشمم محكوم عليهما بالفناء وهو يزعم في هذا كله أنه راجع إلى كثرة البُقع في وجه الشمس؛ وهو في تعليله هذا جدُّ واهم، والصواب ما ذكرناه من أن هذه الظاهرة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بانتشار موسيقى الزنج والإقبال الشديد عليها.
كذلك أخطأ نهج الصواب ولم يوفق في بحثه ذلك العالم الذي أرجع هذه الظاهرة إلى انتشار عادة الحكِّ على المناخير التي كانت سائدة أيام الحرب الكبرى وما بعدها، فقد ثبت انتشار