الغاشمة؛ بيد أن الفاشستية تلقي التبعة في ذلك على الدول الديمقراطية وعلى ما أبدته من الأثرة في استخلاص المغانم الاستعمارية والاقتصادية لنفسها دون إيطاليا وألمانيا، ودفعهما بهذا التصرف إلى خطة العنف واليأس التي تلجأن إليها
وتستقبل الدبلوماسية الأوربية عهدها الجديد بسلسلة من الأحداث والظواهر الجديدة؛ أولها وأهمها انهيار ميثاق لوكارنو نهائياً، بعد أن نقضته ألمانيا من جانبها في العام الماضي؛ وانحلال التحالف الصغير في شرق أوربا بعقد الميثاق الإيطالي اليوجوسلافي؛ وتوثق العلائق بين السياستين الفرنسية والبريطانية؛ وفتور العلائق بين تركيا وروسيا السوفيتية، وتقدمها في الوقت نفسه بين تركيا وإيطاليا وتقوية الجبهة الإيطالية الألمانية واشتداد ضغطها في وسط أوربا وفي شرقها
وقد كان عقد الميثاق الفرنسي الروسي في أوائل العام الماضي أول نذير بانهيار الأوضاع القائمة، ففي ٧ مارس سنة ١٩٣٦، أعلنت ألمانيا نقضها لآخر الشروط العسكرية التي فرضت عليها في معاهدة الصلح وهي الخاصة بتجريد منطقة الرين من التسليحات والتحصينات، وأعلنت في نفس الوقت نقضها لميثاق لوكارنو، بحجة أن الميثاق الفرنسي الروسي قد عقد بقصد تهديدها وتطويقها وأن عقده مخالف لما كفلته نصوص ميثاق لوكارنو من سلامة الحدود الألمانية الفرنسية على الرين؛ وكان تصرف ألمانيا ضربة قاضية لهذا الميثاق الذي علقت عليه أوربا والعالم كله يوم عقده أعظم الآمال، ولم تلبث بلجيكا وهي إحدى الدول الموقعة عليه، والتي تستمد سلامة حدودها من نصوصه، أن رأت أيضاً أن تتحرر من تبعاته، فأعلنت سياسة الاستقلال والحياد الجديدة التي انتهت أخيراً بصدور تصريح بريطاني فرنسي يحررها من تبعاتها المترتبة عليها في ميثاق لوكارنو، مع استبقاء تعهد فرنسا وبريطانيا من جانبهما بالدفاع عن البلجيك في حالة الاعتداء عليها؛ وهكذا انهارت دعائم هذا الميثاق الذي كان دعامته السلام في غرب أوربا، وحلت مكانه حالة جديدة لم يتضح مداها بعد؛ على أن هنالك حقيقة لا ريب فيها، هو أن، انهيار ميثاق لوكارنو، وما اقترن به من مضاعفة التسليح الألماني، وتقدم التفاهم بين ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشستية كان عاملاً في إذكاء استعدادات فرنسا وبريطانيا العسكرية، وفي توثق العلائق بينهما