يسمونه (محور برلين رومه)، وتعمل بالأخص في المجر ورومانيا، هذا عدا محاولاتها في النمسا؛ وترمي إيطاليا بهذه الجهود الدبلوماسية المتواصلة إلى تأمين مكانتها وسلامها في شرق البحر الأبيض المتوسط لكي تتفرغ إلى العمل في هذا البحر، ضد بريطانيا العظمى وضد ما تدعيه لنفسها فيه من السيادة البحرية، ولتحقق ما تزعمه لنفسها من الأطماع الاستعمارية؛ وترمي ألمانيا النازية بالعمل في شرق أوربا وفي البلقان إلى تكوين جبهة موحدة ضد روسيا السوفيتية بيد أنه يشك كثيراً فيما إذا كانت ألمانيا تفيد من هذه الجهود ضد المارد الروسي العظيم
ويجب أخيرا ألا ننسى المشكلة الأسبانية الشائكة، وما كان لها من أثر في هذا التطور الجديد في سير الدبلوماسية الأوربية؛ وسيكون لنتائج الحرب الأهلية الأسبانية متى استقرت نهائياً أثرها العميق أيضاً في توجيه الأوضاع السياسية الجديدة في غرب أوربا
وقد أدركت الدولتان الغربيتان الكبيرتان، أعني بريطانيا العظمى وفرنسا، ما تقتضيه هذه العوامل والظروف الجديدة من تغيير عميق في سياستيهما، وخصوصاً إزاء ما تبديه الدولتان الفاشستيتان أعني إيطاليا وألمانيا من نشاط متواصل في الاستعدادات العسكرية؛ فأما فرنسا فقد اقتنعت بأن المواثيق والعهود الدولية لم تبق لها قيمة يعتمد عليها وأن ألمانيا النازية بعد أن حطمت كل ما تبقى من عهودها في معاهدة الصلح وفي لوكارنو، وأخذت تستأنف قواها العسكرية القديمة، لا يمكن ردها وكبح جماح عدوانها وأطماعها إلا بمضاعفة الاهبات العسكرية، وهذا ما تفعله اليوم هي وحليفتها روسيا السوفيتية التي تحذر من عدوان ألمانيا مثل ما تحذر فرنسا؛ وأما بريطانيا العظمى، فقد اقتنعت بعد مأساة الحبشة بانهيار فكرة السلامة المشتركة وعبث الاعتماد عليها في رد الاعتداء المدبر، وأدركت ما يهدد سلامة الإمبراطورية البريطانية من جراء ظهور الفاشستية الإيطالية بمظهر الظافر المتحفز؛ فأخذت تستدرك بسرعة مدهشة ما فاتها من الاهبات العسكرية، ووضعت برنامجاً هائلاً للتسليح يكفل لها تفوقها القديم في البحر والهواء ويمكنها من أن تعود فتملي كلمتها وإرادتها على أولئك الذين يتحرشون بها ويحاولون تحديها ومنافستها، وتزداد العلائق توثقا بين الدولتين الغربيتين الكبيرتين، يجمع بينهما الخطر المشترك، والمصالح المشتركة، وروابط الديموقراطية