قدتَ إلى الوغى تحت لوائك (السيروفيم) مدججين
وتهددت رب السماء الدائم بالخطر
فأقمت الدليل على رفيع جلاله
سواء أكان بالحق أم بالحظ أم بالقدر.
يا ويح نفسي أن ترى جليا هذا الخطب الرهيب
الذي طوَّحَنا فأشجانا وهزمنا فأردانا
وأضاع منا الجنة، وهوينا به إلى هذا الحضيض
يهدنا، ونحن المعشر القوي، هلاك مبيد
ما بادت الأرباب وكائنات السماء:
فلا يزال الروح والعقل منا عن الهلك في حرز حريز
وسرعان ما نسترد العنفوان المفقود، وأما المجد فلن يعود
وسالف النعيم قد استأصله الشقاء الموجود.
ولكن لم لا يكون الله هو لنا (قاهر)
(فقد آمنت أنه على كل شيء قادر،
إذ ما كان يستطيع أن يدك قوانا سوى مطلق قدرته)
لم لا يكون الله قد أبقى على نفوسنا وقوانا،
فلم ينتقصها ليشتد أذاناً ونضطلع بمر العذاب
لكي يُرضي فينا غيظه الناقم
أو ليأمرنا بما شاء من فادح الأعمال، فنستطيع الأداء؟
فقد أمسينا له بحق النصر عبيدا أرقاء،
إن شاء اصطلينا النار في قلب الجحيم
وإن شاء سَخّرنا في اللج البهيم
فإن أحسسنا بالقوة موفورة، فأين في ذلك الغَنَاء؟
وهل أجدى علينا خلود البقاء إلا دوام الشقاء؟)
زكي نجيب محمود