عشرة عامداً إلى السفط بعصا غليظة، فمازال يرفع عصاه جاهداً ويهوي بها حرداً حتى تدحرج السفط خائراً منهوكاً
- (قد مات أبي تحتك وأنت لا تزال في وسط الزقاق جاثماً متعجرفاً)!! وبرزت من دار أمامنا امرأة نّصَف:
- ويلك يا بنيَّ! هلمَّ اليّ، كفّ. إياك أن تحطمه. مالك وللسفط يا بني؟ إنه أخرس لا فم له ولا لسان. لقد ارتفق به أبوك سنين ثمانيا، وكان يقول إنه سفط مبارك، قلما بقيت تحته بغير حمل. وقد ذهب أبوك فهو اليوم كاليتيم. وستعول به أمك وأخاك. أطفل أنت؟ ألا تعرف ما عليك؟
قلت: - استمع يا بني إلى أمك
فصاح الصبي متجهماً: -
(يا ذا اللحية ألا عمل لك؟ اذهب من هنا إلى جهنم. اذهب ما وقوفك هنا هاذيا في هذه الغداة؟ إن قلبي يشتعل. قد ذهب أب لي كالجبل
- ماذا تبغي الآن من رجل في مقام أبيك؟ اسمع يا بني. .
- دعيه يا سيدتي إنه طفل، أنا لا أبالي ما يقول.
- ما اسمك يا بني؟
- حسن
- أصغ يا حسن. إنك ستضير نفسك فهذه الحدة. لقد احترق قلبي يا بني حين عرف مصيبتك، ولكن أباك قد أوصى إليك وذهب. فانظر كيف جاهد هذه السنين الطوال ورباك بعرق جبينه! وكذلك عليك ألا تترك أخاك يتيما. عليك أن تربيه.
- بالسفط؟ أكذلك؟
- نعم نعم. ما هذا الكلام يا بني؟ أعار أن تعمل؟ ثم أن تحمل الأعباء؟ إنما العار الاستجداء، إنما العار أن تسأل الناس ولك يد ورجل
- ما أصدق ما قال عمك يا ولدي. قبل يا بني يد عمك.
- أنسيت سريعاً ما قالته امرأة جارنا؟ ألم تقل: (يا حسن خالي ضابط في إحدى المدارس. ولو كلمناه مرة لأخذك إلى المدرسة. انتظر سأكلمه)