عرفت أن الحديث طويل وأنه سيزداد طولا وكانت مشاغلي كثيرة ذلك اليوم فتركتهما.
ليت شعري ما خطب حسن المسكين اليوم؟
لي بنية عرمة لا تستقر في الدار. خرجت بها إلى الفاتح، بعد العصر بقليل. فبينا ندخل من باب الفحامين راق البنية منظر الجمل، تعجب من هذا البدن المعوج، وذلك العنق المفرط في الطول. وهذه الأرجل، وهذا الذيل المعلق من خلفه - هذا الذيل أليس هذا كله عجيبا؟
التفت ورائي فإذا على خطوات منا شيخ ربعة، وضاء الوجه مشرق السيما. قد لف على وسطه شالا، وعلى رأسه يابانية، وبجانبه صبي ينوء تحت سفط كبير. أقبلا يمشيان الهوينى. فوا عجبا! هذا هو الصبي الذي رأيته ذلك الصباح. . أي مرأى! مرأى يذيب القلب ويذهب باللب: رجلان هزيلتان عاريتان إلى الركبتين، وبدن يرعد تحت ثوب رقيق يكاد ينجمد من البرد. وقدم حافية، ورأس حاسر. لم تكن نفسا هذه اللهثات ولكن أنينا مديدً، ولم تكن نظراً هذه اللمحات ولكن بكاء شديداً، يا له بؤساً حافياً حاسرا. وإنه لحسرة ذلك الجبين المجعد في الثالثة عشرة.
ويخرج من المدرسة الرشدية أفواج من الطلبة قد انتظموا صفوفا، وساروا قليلاً ثم وقفوا. ما أقسى هذا المنظر على قلب حسن التعيس! أجل غلمان تفيض منهم نغمات النعمة والشباب يطير كل منهم إلى عشه السعيد. وسيفرغون للعب عما قليل، هؤلاء سعداء، وأما حسن فسيحمل أبدا على كتف الفاقة هذا السفط المشئوم الذي ورثه عن أبيه - السفط الذي أراد أن يحطمه حين بصر به في طريقه.
ليس هذا حملا ولكنه عقاب القدر لهذا البريء
وا حسرتاه، ما ذنبه، ما ذنب هذا المعاقب الذي لا يدري ما ذنبه؟