للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التي كانت في بعض الاحيان أقليات ضئيلة، هو الذي كون لإنجلترا صيتها القصي وسلطانها العريض).

ولاحظ الكاتب المعروف (جيمس مارسون): (أنه في كل الحالات التي تربط فيها المصالح المشتركة والشهوات بين الأكثريات تكون حقوق الأقليات في خطر محقق) وقضى بأن الدواء الوحيد هو أن يوسع أفق الحكم وتقسم الجمعية إلى عدد عظيم من الأحزاب والفرق التي تمثل كل منها ناحية من نواحي المصلحة، كي يتعذر بذلك نشوء ما يسمى (إرادة الأكثرية) بحال من الأحوال. ولقد حاول أحد حكام المديريات في الولايات المتحدة أن يطبق هذه النظرية ليتقي بذلك شر تحكم الأكثريات، فاتخذ للتمثيل النيابي قاعدة (الملكية) وقاعدة العدد معا، ولقد نجحت هذه (الحيلة) السياسية بعض الشيء في التوفيق بين رغبة البيض في الحكم المطلق وتمثيل العبيد في مجالس النيابة.

ولكن العقدة الحقيقية لم تحل بهذا وحده. فقد فكر حاكم آخر هو الحاكم (كانون) المعروف بمؤلفاته القيمة في أن يحمي الجمعية لا من استبداد الأكثرية العددية لا غير، بل في حمايتها من استبداد (الأقليات المنظمة) أيضاً قال (كلما كانت المملكة أوسع نطاقا وأوفر في النسمات عددا، وكلما اختلفت حالات الرعية وتنافرت الأغراض والأهواء، كانت الصعوبة التي تحسها الحكومة في معاملة رعايها على مقتضى ما تتطلب فكرة المساواة الديمقراطية أعظم وأعقد، وأصبح من الهين على فريق معين من الجمعية أن يستبد بفريق آخر ويعبث بمصالحه ويسلبه حقوقه). وعلى هذا ينبغي أن يقوم أساس التمثيل النيابي على مراعاة (العدد) ومراعاة المصالح. وسمى الأكثرية العددية (الأغلبية المطلقة) وسمى الأكثرية المصلحية (الأغلبية المشتركة) أو بالأحرى (أغلبية التشارك).

على أن لأغلبية التشارك ميزة على الأغلبية المطلقة، أو بالأحرى الأكثرية العددية، تنحصر في أنها تقلل من متاعب الحكومات بالإقلال من عدد الذين يبرمون المشكلات العامة. ولكن لا يخفى مع هذا أن اختيار الوسيلة التي يجب أن تتبع في تحديد نسبة معينة للتمثيل النيابي، وفي وقاية الحكومة من طغيان المصالح الخاصة، ثم وقاية الأقليات في الوقت نفسه، لمشكلة من أعقد المشاكل التي تواجهها الجمعيات الديمقراطية في العصر الحديث.

<<  <  ج:
ص:  >  >>