لقد وليت ظهري للحاكمين عندما أدركت معنى الحكم في هذه الأزمان وتأكدت انه إنجاز بالقوة ومساومة الأوغاد عليها.
استولى اليأس عليّ فاجتزت مراحل الماضي والمستقبل وأنا أسد أنفى إذا انتشرت عليّ منهما روائح البيان السخيف
لقد عشت طويلا كالكسيح أصابه الصمم والعمى والخرس كيلا أعايش أوغاد السلطة وزعانف الأقلام والمسرات
ارتفع فكري درجة فدرجة وهو يعاني من حذره ما يعاني ولا عزاء له إلا بالغبطة؛ وهكذا مرت حياة الأعمى وهو يتوكأ على عصاه.
ما حدث لي يا ترى؟ وما الذي أنقذني من اشمئزازي وأعاد النور إلى عيني؟ وكيف تمكنت من ارتقاء المرتفعات حيث الينبوع الذي لا يحيط به الأوغاد؟.
أهي الكراهة نفسها استنبتت جناحي وأوجدت لي القوة للاهتداء إلى مفجر الينابيع؟ والحق أنني ارتقيت الذروة، ولو لم ابلغها لما وجدت ينبوع الغبطة والسرور.
لقد وجدته، أيها الأخوة، فرأيته يتدفق على الذروة غبطة وحبوراً، فاهتديت إلى المكان الذي يتاح فيه للإنسان أن يروي ظمأه دون أن يعكر عليه الأوغاد الأدنياء.
أنك لتسيل بشدة، أيها الينبوع المتفجر بالغبطة فتفرغ الكأس التي تملأها دهاقا،
عليّ أن أتمرن على الاقتراب منك بتؤدة، أيها الينبوع فإن قلبي يندفع بعنف إلى مسيلك. لقد استولى اليأس مع الحبور على هذا القلب الذي تمر عليه بحرها أيام صيفه فهو يتشوق إلى مياهك تنزل عليه برداً وسلاما.
لقد انقضت أحزان ترددي في الربيع وأذاب الصيف ثلوج نقمتي، فأصبحت وكل جوارحي تتوق إلى الاصطياف. أن خير الراحة ما تنتجع في أعالي الجبال قرب الينابيع الباردة. إليّ أيها الأصحاب لنحول هذه الراحة إلى غبطة وحبور فهذه ذروتنا، وهنا موطننا حيث نعتصم بالصخور فلا يبلغها الأرجاس ولا يصل إليها عطشهم المدنس.
أرسلوا أنظاركم الطاهرة على ينبوع مسرتي، أيها الأصحاب، فإنها لن تعكره بل تبقى على نفائسه فيبتسم لكم.
هنا تتعالى دوحة المستقبل. فلنبن لنا عشا بين أغصانها فتجيء إلينا العقبان حاملة لنا