أوتاد، وثلاثة حبال، وتذهب إلى أحد الشاطئين وتثبت فيه - على الأرض - وتدين. . تدقهما دقاً قوياً ليثبتا ولا يتزعزعا. . . وتذهب إلى الشاطئ الآخر، وتدق هناك الوتد الثالث. . . هذا الوتد الثالث هو رأس المثلث. . . وما بين الوتدين الآخرين على الشاطئ الآخر هو القاعدة. . فاهم؟ ثم تصل الأوتاد بالحبال. . . مسألة سهلة جداً. . . ثم تقيس وتحسب فتجئ النتيجة مطابقة للحقيقة)
قلت:(غريب!. ولكن أسمع. . ما العمل في المراكب والزوارق التي تمخر؟ هل تؤخرها حتى تفرغ من الحساب أليست هذه مشكلة عسيرة الحل؟. أم لها يا ترى حل هندسي أيضاً؟)
قال:(يا أخي لا تمزح. . لقد فعلت ذلك مرات كثيرة)
قلت:(صادق. . صادق. . والله إن هذا لذكاء!. لو كان الذي اهتدى إلى الحقائق الهندسية يعرف أنك ستستغلها على هذا النحو العلمي المفيد. .؟)
قال:(لقد ورثت هذه الدقة عن أبي. . ولكني لم أبلغ مبلغه مع الأسف. . . مع التدرب آمل أن أكون مثله. . إن حسابي الآن - طبقاً لهذه الحقيقة الهندسية لا يجئ مخالفا للواقع إلا بمقدار خمسين أو على الأكثر سبعين متراً فقط. . شيء تافه كما ترى!)
قلت:(ولكن هل من الضروري أن يكون المثلث متساوي الضلعين أو لا أدري ماذا تسميه؟)
قال:(لا. . أبداً. . ليس هذا ضرورياً. .)
ثم شردت نظرته وعلا وجهه السهوم، فتركته لخواطره ولم يلبث أن رد عينه إلى وقال:
أبي لا يكاد يخطئ. . . صياد ماهر جداً. . . وأغرب ما في الأمر أنه يستطيع أن يقول لك إنه أخطأ الهدف بمقدار متر أو نصف متر أو سنتي. . . خرجنا مرة إلى الصيد فأدهشني بدقته وإحكامه. . . أطلق البندقية على بطة ثم نظر إلى وقال: يا فريد! الطلق مرّ من تحتها على مسافة ثلاثة سنتيات. . ثم رمى أخرى وقال يا فريد: الطلق مر من فوقها على مسافة ملليمترين؛ ورمى ثالثة وقال آه يا فريد! هذه طلقة لا مثيل لها. . شعرة فقط بينها وبين البطة!. وهكذا يا أخي. . فهل سمعت بمثل هذه البراعة العجيبة؟. . مقدار شعرة فقط، لا أكثر ولا أقل؟ تصور الشعرة ماذا يبلغ من سمكها؟. ومع ذلك عرف! استطاع أن يقدر