للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المسافة بين الطلق والبطة على هذا البعد العظيم ما قولك؟. . أليس آية؟)

قلت: (والله شيء مدهش حقيقة. . . ومن أين جاءته هذه البراعة؟)

قال: (العلم نور يا أخي. . وما فائدة العلم إذا كان الإنسان لا يطبقه ولا ينتفع به في حياته؟)

قلت: (صدقت. . ولكن هل أبوك يعرف المسافات بين الطلقات وبين الطيور التي لا يصيدها بالهندسة - أعني بواسطة المثلث المتساوي الضلعين أو غير المتساوي الضلعين؟)

قال: (وهل هذا كل ما في الهندسة؟ يظهر أنك نسيت دروسك)

قلت: (كل النسيان. . نسيتها قبل أن أحفظها)

قال: (صحيح. . هذا يحدث كثيراً)

قلت (إنه يحدث دائماً)

قال: (لا. أنا لم أنس دروسي قبل حفظها. . ولا بعد الحفظ)

قلت: (أنت أعجوبة. . وهل في الناس اثنان مثلك؟)

فصار وجهه كالحمرة من شدة الحياء والخجل من سماع المدح، وكأنما أراد أن يصرفني عن نفسه.

فقال: (ولكن أبي ليست له مثل هذه الدقة حين تكون الحيوانات أليفة والطيور داجنة)

قلت: (وكيف كان ذلك؟)

قال: (إن نظره بعيد جداً يبصر كل شيء - أي شيء - على مسافة ميل، ولكن إذا كان الشيء قريباً منه، صعبت عليه الرؤية الدقيقة. . وأذكر أنه قام بيني وبينه خلاف على المسافة بين رجلي الدجاجة)

فصحت به: (إيه؟)

فقال: (لا تصح هكذا. . إننا في مطعم. . فهل تريد أن يلتف حولنا الناس؟)

قلت: (معذرة. . لقد نسيت أن ههنا ناساً. . الحق أن كلامك استبد بعقلي. تفضل)

قال: (أشكرك. . نعم اختلفنا على المسافة بين رجلي الدجاجة. . هو يقول إنها خمسة سنتيات وأنا أقول إنها أقل بكثير. . وأخيراً اتفقنا على قياسها بالضبط والدقة، فقال أبي هات الدجاجة، فجئته بها. . تناولتها من رجليها فقال كيف تريد أن تقيس وقد ضممت

<<  <  ج:
ص:  >  >>