استمسكوا بالشريعة وتكلموا في ماهية الروح قوماً اعتمدوا في تحليلهم للروح على الاستدلال والنظر. وقوماً آخرين كانت طريقهم طريق الذوق والوجد. ومن هنا خاض علماء الصوفية في موضوع الروح وأرادوا تعرف ماهيتها، وكان الأولى بهم والأجدر أن يمسكوا عن ذلك تأدبا بأدب النبي.
وبعد أن أظهرنا مؤلفنا على ما لمسألة الروح من خطر عظيم ودقة فائقة تعلو على إدراك الإنسان نراه يعمد إلى تدعيم رأيه بذكر طائفة من أقوال المتصوفة رأوا رأيه وذهبوا مذهبه في أن الروح أمر يتعذر إدراكه ويدق فهمه. ومن بين الأقوال التي ذكر قول الجنيد الذي جاء فيه:(الروح شيء أستأثر الله بعلمه ولا تجوز العبارة عنه بأكثر من موجود) وقول أبي عبد الله النباجي الذي يظهرنا فيه على أن الروح جسم يلطف عن الحس. ويكبر عن اللمس. ولا يعبر عنه بأكثر من موجود.
وقد اختلف الناس في الروح هل هو قديم أم محدث. واختلفوا أيضاً في أمر الروح الذي سئل عنه رسول الله. فذهبوا في ذلك مذاهب شتى وأدلوا بآراء تختلف فيما بينها اختلافا ظاهرا قويا. ولعل أهم ما يلاحظ على هذه الآراء انها تدور جميعا حول الروح الذي لبس في الجسد. فأنت ترى مثلا أن فريقا قد ذهب إلى أن الروح الذي سئل عنه النبي انما هو جبريل. وان فريقا آخر قد انتهى إلى أنه ملك. ومهما يكن من شيء فقد اتفقت هذه الآراء على أن الروح الذي هو من أمر الله شيء آخر غير الروح الذي في الجسد والذي يرى مؤلف عوارف المعارف أن الكلام فيه مباح غير محظور.
والروح التي في البدن هي قوامه ودعامته استحق بها أسم الحياة، بها ثبت العقل وقامت الحجة. ولولاها لتعطل العقل ولما كانت له أو عليه حجته. هي جوهر مخلوق ولكنها الطف المخلوقات وأصفى الجواهر. بها تترآى المغيبات ويكون الكشف لأهل الحقائق.
وتنقسم الأرواح إلى أقسام: -
(١) أرواح في البرزخ وتبصر أحوال الدنيا والملائكة. وتسمع ما تتحدث به عن أحوال الآدميين.
(٢) أرواح تحت العرش
(٣) أرواح طيارة إلى الجنان وإلى حيث شاءت من السعي إلى الله أيام الحياة.