التربية يعرفون كيف فشا فينا مرض العبودية حتى حبب إلينا العمل الدنيء وبغض إلينا العمل الرفيع، فرضينا من المقهى والفندق بمسح البلاط ولم أعقاب السجاير. ورضينا دائماً بفتات الموائد، ولم نستطع أن نكون العمل الرفيع ونجلس في صدر المائدة؟ ويعرفون كيف يقضون على أخلاق العبيد من ذل ومكر وخنوع واحتيال ودسائس، ويحلون محلها أخلاق السادة من عظمة، وصراحة، وحب للعمل، وطلب للمجد، وعشق للصدارة؛ ويعرفون طبيعة المصري، وتاريخه، وبيئته، وأنواع الأسلحة العلمية والعقلية والخلقية التي يحتاج إليها ليستطيع الكفاح في الحياة والسير مع الأجنبي على قدم المساواة
فهذا خير ألف مرة من لجان تؤلف وتؤلف لزيادة حصة في الحساب ونقص حصة في الجغرافيا
ونحتاج لمؤتمر من القادة تكون مهمته العظمى إبادة روح المذلة الفاشية، وبذر روح الغيرة النادرة، وتعهدها بالتقاليد الجديدة التي ترعاها وتضمن نموها
نحتاج إلى مؤتمرات عديدة من هذا القبيل تغير وجه الحياة المصرية، وتخلق قلب المصري خلقاً جديداً، فلا يخاف مرءوس رئيساً، ولا يخاف مصري أجنبياً، ولا يخاف محكوم حاكماً
نحتاج إلى مؤتمرات تبيد الخوف إلا الخوف من الذل والعار، وتبيد السيطرة إلا احتراماً لخلق أو قانون
ما أصعب هذه المؤتمرات وما أشقها وما أحوجنا إليها! أنها تتكون من رجال من أمة واحدة، ولكنها أصعب من مؤتمر مثلت فيه كل الدول، لأنها مؤتمرات لا تلغي قانوناً موضوعاً، ولكنها تلغي أخلاقاً موروثة، وتقاليد سمرها الزمان، وتحطم أوتاداً سهر عليها الحاكم الظالم المستبد حتى صلبت الأرض عليها
لست أومن بنظرية العمال العاطلين حتى يصعب على الأجنبي والمصري الحصول على العيش الرغد على السواء. فأما إن سهل تحصيل العيش على الأجنبي وصعب على المصري فليست النظرية - إذن - نظرية عمال عاطلين، ولكنها نظرية فقر في الأخلاق، وجهل بفن الحياة
فهل لنا وقد نجحنا في مؤتمر الامتيازات الأجنبية أن نوجه هممنا لمعالجة أختها الامتيازات