المعذب). ولكن الحكومات المغربية كانت مشغولة بمشاكلها الداخلية، فلم يلب داعي الغوث سوى جماعة من المتطوعين الذين نفذوا سراً إلى إخوانهم في البشرات، ومنهم كثيرون من البحارة المجاهدين الذين كانوا حرباً عواناً على الثغور والسفن الأسبانية في ذلك العصر
وفي شهر ديسمبر سنة ١٥٦٨، وقع حادث كان نذير الانفجار؛ إذ اعتدى الموريسكيون على بعض المأمورين والقضاة الأسبانيين في طريقهم إلى غرناطة ووثبت جماعة منهم في نفس الوقت بشرذمة من الجند كانت تحمل كمية كبيرة من البنادق وفتكت بهم جميعاً. وفي الحال سار ابن فرج على رأس مائتين من أتباعه ونفذ إلى المدينة ليلاً، وحاول تحريض مواطنيه في البيازين على نصرته ولكنهم أبوا أن يشتركوا في مثل هذه المغامرة الجنونية وقد كان موقفهم حرجاً في الواقع لأنهم يعيشون إلى جانب النصارى على مقربة من الحامية وهم أعيان الطائفة ولهم في غرناطة مصالح عظيمة يخشون عليها من انتقام الأسبان؛ بيد أنهم كانوا من وراء الثورة يؤيدونها برعايتهم ونصحهم ومالهم فارتد ابن فرج على أعقابه واجتاز شعب جبل شلير (سييرا نفادا)، إلى الهضاب الجنوبية فيما بين بلش (فيليز) والمرية، فلم تمضي بضعة أيام حتى عم ضرام الثورة جميع الدساكر والقرى الموريسكية في أنحاء البشرات، وهرعت الجموع المسلحة إلى ابن فرج ووثب الموريسكيون بالنصارى القاطنين فيما بينهم ففتكوا بهم ومزقوهم شر ممزق
- ٣ -
اندلع لهيب الثورة في أنحاء الأندلس ودوت بصيحة الحرب القديمة وأعلن الموريسكيون استقلالهم واستعدوا الخوض معركة الحياة والموت، وبدأ الزعماء باختيار أمير يلتفون حوله، ويكون رمز ملكهم القديم فوقع اختيارهم على فتى من أهل البيازين يدعى الدون فرناندو دي فالور؛ وكان هذا الاسم النصراني القشتالي يحجب نسبة عربية إسلامية رفيعة ذلك أن فرناندو دي فالور كان ينتمي في الواقع إلى بني أمية وكان سليل الملوك والخلفاء الذي سطعت في ظلهم الدولة الإسلامية في الأندلس زهاء ثلاثة قرون، وكان فتى في العشرين تنوه الدواية القشتالية المعاصرة بوسامة محياه، ونبل طلعته؛ وكان الأمير الجديد يعرف خطر المهمة التي انتدب لها، ولكنه كان يضطرم حماسة وجرأة وإقداماً، ففي الحال غادر غرناطة سراً إلى الجبال ولجأ إلى شيعته آل فالور في قرية بزنار، فهرعت إليه