وغيرهما. وهاهو شعرهم آخذ سمته نحو الهزيمة القاتلة والفناء الذريع.
ويلوح أن شعراءنا المحدثين قد آمنوا بهزيمة الشعر فيما بينهم وبين أنفسهم - ولو من حيث لا يشعرون - ويلوح كذلك أن جهود شوقي الأخيرة في سبيل المسرحية الشعرية كانت مظهراً من مظاهر هذا الإيمان. وإننا لنلمس أن النثر في نتاج العقاد عشرة أضعاف الشعر أو يزيد، وأن القصة وحدها والمقالة القصيرة هما قبلة جهود المازني جميعاً - وقد كان شاعراً -
وأحمد الله على أن شعراءنا الشبان، أمثال: ناجي، والخفيف، وفتحي موسى، والطرابلسي، وغيرهم، قد وجهوا عنايتهم إلى القصة وما إليها من فنون الكتابة والبحث، قبل أن يبعثر الشعر أيامهم الغر، وهي أعز علينا من أن تلقى في الهراء. .
ولا حاجة بعد هذا القول بأن دولة الشعر قد دالت، فذلك ما انتهيت إليه، وما أظن القراء إلا منتهين إليه أيضاً. . وإذا كان الشعر قد استطاع أن يحافظ على بقائه طوال هذه السنين، وأن يعارك الزمن فتياً وكهلاً، فلن يستطيع البقاء في عصر الطباعة والصحافة، ولن يستطيع البقاء في عصر القصة - وقد سلبته ما تبقى له من بعض الفتنة والجمال. ولكنني لن أنسى أن أقول أن نوعاً واحداً من الشعر لا يزال قادراً على البقاء، هو شعر الغناء، ليكمل جانباً من فن الموسيقى، كما يكمل أدب المسرحية فن التمثيل.
ويستطيع الشعراء بعد ذلك أن ينظموا لأنفسهم ما يشاءون، وأن يقرءوا لأنفسهم كذلك ما يشاءون. . فأما المجد الأدبي، وأما رسالة الجمال والفن، فليبحثوا عنها من طريق غير هذا الطريق. .