للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن تتصور أنه مستمد من الواقع الملموس أو مشابه له؛ بل ترى دون شك أن هذا الإنتاج يعبر عن المثل الأعلى في الجمال، ولكنه مع هذا ملئ بكل مظاهر الحياة لا ينقصه شئ منها إلا النبض

كانت الغاية عن ميكيلانجلو أن يظهر الجسم البشري إظهاراً جميلاً سامياً، مليئاً بالقوة نابضاً بالحياة، وهو في هذا المجال أول وأعظم فنان أنجبه الدهر في المدرسة الحديثة دون منازع

وقد وصل في المعرفة بأصول علم التشريح إلى درجة لا مثيل لها مطلقاً، وهذه المعرفة تتضح عندما نشاهد ما غلب على إنتاجه من مظاهر الحركة بمختلف أوضاعها

وإذا قارنا خلقه بتراث الإغريق الخالد؛ وجدنا الفارق يتلخص في عنف ميكيلانجلو في الإخراج، لأنه تخير المواقف التي تكاد تكون مستحيلة، كما فضل مواقف الضغط والاضطرار راغباً من وراء ذلك في إظهار جمال التكوين الجسماني الإنساني طامحاً وراء البناء الهرقلي (نسبة إلى هرقلس)، فكان بما ملك من القوة، فذاً في الإخراج، عظيماً في الوضع، إماماً لكل فنان طامح، ملك الجمال بمعناه الفلسفي، وبعد كل البعد عن الجمان المثير، فكان نقياً في اختيار موضوعاته لا يهتم فيها إلا بالعظائم.

كان بشخصه يقوم بنحت تماثيله الرخامية من أبسط شئ فيها إلى أكبر وأهم جانب منها، سائراً في ذلك تبعاً لرسومه الخطية التي كان يرسمها لتكون بمثابة المنهج الدراسي قبل البدء في النحت.

ولد ميكيلانجلو يوم ٦ مارس سنة ١٤٧٥ في كابريزه، وتلقى أول دروسه في التصوير منذ سنة ١٤٨٨ عند المصور المعروف دومينيكو جيرلانداجو الذي كان بارزاً في فلورنسا في ذلك الحين.

ولكنه بجانب درسه للتصوير، عرج كثيراً على دراسة النحت الإغريقي، ووجد في الغاية. وكانت التماثيل الموجودة بحديقة مديتشي في سان ماركو خير مدرسة له. ولم تنقض مدة طويلة حتى لاحظ لورنسودي مديتشي استعداد ميكيلانجلو للنحت؛ فأخذه ليتتلمذ في بيته على النحات برتالدو، الذي كان تلميذاً لدوناتيللو المعتبر من أحسن نحاتي عصره

وأول منحوتاته قطعة (نصف بارزة) أسماها (المادونا جالسة إلى جوار السلم) ش - ١ - ،

<<  <  ج:
ص:  >  >>