للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبالنظر إليها نرى الكيفية التي تمكن بها، وهو حديث عهد بالنحت، من صبغ ما نحته بشيء كثير من الحياة، يتضح من تأملنا نبل وجه العذراء، وكثرة الثنايا التي تخللت ملابسها، إلى جانب القوة التي بدت في نحت الأيدي. كذلك من الطريقة التي جلست بها العذراء على ذلك المقعد الرخامي الواطئ، والمنهج الذي سار عليه في إخراج الملابس، ثم جلسة الطفل في حجر أمه، والأطفال الصغار الذين يلهون على السلم

وقطعته الثانية نصف بارزة أسماها (مذبحة كنتاور) وهي تمثيل لقصة إغريقية خرافية، أبطالها مخلوقات نصفها الأعلى كإنسان والأسفل كحصان ش - ٢ - ، وهي من أهم الأدلة على اتجاه الفنان إلى الإغريق وتأثره بهم.

انظر إلى القطعة نظرة شاملة، وتأمل كيف استطاع إظهار كل من الأجسام في حالة حركة مملوءة بالحياة، تناسبت كل التناسب مع موضوع القطعة من الناحية الإنشائية، فترى العضلات بارزة، مع اختلاف التكوين الكلي وملامح الوجه لكل منهم، فضلاً عما تعبر عنه بعض هذه الأجسام والوجوه من المقاومة والعنف، على حين يعبر البعض الآخر عن الاستسلام أو الخوف. أما التفاصيل التشريحية فهي في غاية الكمال، فالثنايا والعضلات والانحناءات كلها على غاية الدقة

تأمل الرجل العجوز الواقف إلى أقصى اليسار وهو يحمل حجراً بيديه، يريد الإلقاء به على أحد المغضوب عليهم، ثم قارن بين مظهره الكلي وشكله التكويني، وبين وجوه الواقفين إلى أقصى اليمين، فإنك تلاحظ اختلاف التعبير في ملامح الوجوه، لأن حالة الدفاع وما ترسمه على ملامح الوجه تخالف حالة الاعتداء

تأمل الأذرع والأيدي وكيفية انثنائها وامتدادها وانقباضها، وسر بنظرك خلال أجزاء هذه القطعة الفذة التي شملت أكثر من عشرين رأساً، لا ترى منها واحدة شابهت الأخرى، وفكر قليلاً واذكر أن ميكيلانجلو بدأ المرحلة الأولى من حياته الفنية بهذه القطعة

فر هارباً إلى بولونا عندما علم أن الحزب المعارض لبيت المديتشي قد انتصر عليه. وفي بولونا نحت تمثالاً من الرخام لملاك، بقصد التحلية لمقبرة دومونيكوس، وكذلك تمثال يوحنا الصبي حاملاً لقرص شمع العسل ش - ٣ - بمتحف برلين، وإذا نظرنا إلى هذا التمثال فإننا نرى عليه مسحة البراءة، إلى جانب جمال التكوين العام وسماحة الوجه. انظر إلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>