قصيرة؛ فتقولون كلا، بل الساعة الآن الخامسة صباحاً، ونحن لم نفطر فألتفت إلى الذين معي وأقول اسمعوا. . . إن لفيفاً من تلاميذي في استراليا استيقظوا - بصيغة الماضي من فضلكم - صباح غد فيسألني إخواني كيف يمكن أن تعرف ما عسى أن يفعلوا غداً صباحاً؟ فأقول إني اعرف ما عسى أن يفعلوا غداً صباحاً لأنهم أنبأوني إنهم فعلوه فيقول إخواني لي إنك مجنون - أو كلاماً آخر كهذا - لأنهم لا يستطيعون أن يتصوروا أن يكونوا هم في الساعة الثامنة مساء من يوم السبت على حين يكون غيرهم في نفس الوقت في الساعة الخامسة صباحاً من يوم الأحد، فنهز نحن التلاميذ رؤوسنا الصغيرة ونقول، ولا نحن نفهم هذا، فيقول المدرس اسمعوا. . . لنفرض إن لي طيارة سريعة تقطع المسافة بين القاهرة واستراليا في أربع ساعات أو خمس. . . اركبها من القاهرة يوم السبت وأفطر في استراليا صباح الأحد وأرجع إلى القاهرة مساء السبت - أرجع إليها قبل الوقت الذي غادرتها فيه - فما قولكم؟. . . أليس هذا واضحاً؟. . . فنضع أصابعنا في الشق، ونريح أنفسنا من العناء الباطل، ونقول إن الأمر واضح جداً.
وأزيد أنا على هذا إن من الواضح من كلامك أن في وسعك أن تقوم من القاهرة يوم السبت وتكون في استراليا - أو حيث شئت غيرها - يوم الاثنين، لا الأحد فقط، ثم ترجع إلى القاهرة يوم الجمعة، الذي هو قبل السبت الذي سافرت فيه. . . معلوم!. . الأمر واضح جداً!. . فيحسب المدرس أني أسخر منه، ويعاقبني بالحبس ساعة، آخر النهار. . هذا يا ستي ما كان مدرسنا يعلمنا. . لقد ضاع علينا والله ما أنفقناه في التعلم. . والآن بعد أن استرحنا من المدارس والمدرسين المخرفين نركب هذه الباخرة الجميلة ونحن نعتقد أن الدنيا بخير، وأن العقول لم تطر من الرؤوس وإذا بهم يقولون لنا ردوا عقارب الساعات لأنا رجعنا ساعة؟؟ والذي يدهشني هو أن تصدقيهم
فتقول فتاتي:(ولكن هذا صحيح)
فأصيح بها - برغمي -: (كيف تقولين هذا الكلام؟. . هل تريدين مني أن أقول إن الساعة الرابعة حين تكون الخامسة؟. إنك تكلفينني شططا)