للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وكيف استطاع المسلمون أن يفتحوا في ثمانين سنة ما فتحه الرومان في ثمانمائة؟ فامتد رواق الملك العربي من الأندلس إلى حدود الهند، وخفقت راية الإسلام فوق تلك الربوع جميعاً؟

عندي أن المبادئ الحقة العادلة هي التي مهدت للمسلمين السبيل إلى بسط ملكهم في الأرض.

ثلاثة قرون كاملة حفلت بالثورات الدموية في سبيل تقرير قواعد الديموقراطية العصرية في أوربا. شهدت إنجلترا انقلابين في سنة ١٦٤٢ و١٦٨٨. وفي عام ١٧٦٦ وقعت حرب استقلال أميركا لخلع نير الاستعباد البريطاني. واضطرمت نيران الثورة في فرنسا عام ١٧٨٩. وكأن شجرة الحرية كانت لا تزال في حاجة لدماء لترويها، والديموقراطية لضحايا وشهداء لتغذيها، فتأججت نيران الثورة في ١٨٣٠ و١٨٤٨. وتواصلت الثورات في أوربا بين ١٩٠٦ و١٩٢٠

فأنتم ترون أن النصر لم يعقد بلواء الديمقراطية إلا في القرن التاسع عشر

وفي أواسط القرن الثامن عشر في فرنسا لم تكن حرية سياسية ولا مساواة اجتماعية. حتى هب فولتير وروسو يبشران بمبادئ الحرية والمساواة. وتشبع لافايت بتعاليم الديمقراطية، فلما عاد ورفاقه إلى فرنسا حملوا إليها بذورها الصالحة

وجعل روسو براعة الاستهلال في كتابه (العقد الاجتماعي) ولد الإنسان حراً على أنا نراه في كل مكان يرسف في القيود

وأعلنت الثورة الفرنسية حقوق الإنسان في عام ١٧٨٩ وجرت المادة الأولى من إعلان الحقوق: يولد الناس أحراراً ويبقون أحراراً ومتساوين

رأيتم أن الحرية والمساواة هما الدعامتان اللتان يقوم عليهما صرح الديمقراطية.

ولقد جاء الإسلام فأعلن حقوق الإنسان قبل الثورة الفرنسية بأكثر من ١٢٠٠ سنة

أتى رجل من أهل مصر إلى عمر بن الخطاب فقال يا أمير المؤمنين عائذ بك من الظلم. قال: عذت معاذاً: قال: سابقت ابن عمرو بن العاص فسبقته فجعل يضربني بالسوط ويقول أنا ابن الأكرمين. فكتب عمر إلى عمرو يأمره بالقدوم عليه ويقدم بابنه عليه فقدم: فقال عمر: أين المصري؟ خذ السوط فاضرب، فجعل يضربه بالسوط ويقول عمر اضرب ابن

<<  <  ج:
ص:  >  >>