للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ولما ولى الخلافة رأى أن يستمر على استغلال ملكه والارتزاق من وراء عمل يده ولا ينفق على نفسه من بيت مال المسلمين شيئاً واصبح يوماً وعلى ساعده أبراد وهو ذاهب إلى السوق فلقيه عمر فقال: أين تريد؟ قال: إلى السوق. قال: أتصنع ماذا وقد وليت أمر المسلمين؟ قال: فمن أين أطعم عيالي؟ فقال: انطلق يفرض لك أبو عبيدة، فانطلقاً إلى أبو عبيدة فقال: افرض لك قوت رجل من المهاجرين ليس بأفضلهم ولا بأوكسهم كسوة الشتاء والصيف، إذا أخلفت شيئاً رددته وأخذت غيره، ففرضا له كل يوم نصف شاة وما كساه في الرأس والبطن

واخرج ابن سعد عن ميمون قال: لما استخلف أبو بكر جعلوا له ألفين فقال: زيدوني فان لي عيالاً وقد شغلتموني عن التجارة، فزادوه خمسمائة

وخطب عمر بن الخطاب يوماً فقال: أيها الناس من رأى منكم في اعوجاجاً فليقومه. فقام رجل فقال: والله لو وجدنا فيك اعوجاجاً لقومناه بسيوفنا. فقال عمر: الحمد لله الذي أوجد في المسلمين من يقوم اعوجاج عمر بسيفه

أراد أحد ملوك الروم أن يتعرف شخصية عمر العظيمة ويتبين العوامل التي جعلت حفنة من العرب تدوخ الممالك وتبسط سلطانها على الإمبراطوريات الضخمة العظيمة، فبعث برسول فتلمس الرسول طريقه إلى عمر، وإذ سأل الناس عنه أشاروا إلى رجل نائم إلى جانب جدار وهو يتوسد عصاه. فقال: عدلت فأمنت فنمت يا عمر.

ولما سير العرب جيوشهم على مصر وعلى رأسها عمرو بن العاص أرسل ملك مصر من يستطلع طلع تلك الحملة. فما راعه إلا أن يرى عمراً القائد للجيش يتبسط في تناول الطعام مع جنوده على الأرض. فلما ارتد الرسول فأعطى الملك تلك الصورة الرائعة قال: إن قوماً ذلك شأنهم، وتلك حال كبارهم مع صغارهم، محال أن تجد الهزيمة إلى صفوفهم سبيلاً.

يجترئ خصوم الإسلام على الدعوى بان مجد الإسلام قام على السيف. وتلك دعوى باطلة تضافر العدل والحق على هدمها من أساسها.

وكيف يجوز في عقل عاقل أن حفنة من الرجال تقوى على هدم إمبراطوريتي الرومان والفرس إذا لم تكن عدتها إلا السيف؟

أين قوة العرب المادية من قوة الفرس والرومان؟ وأين مواردهم من مواردهم؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>