وفي الحقيقة أن طبيعة الشرق لهي عرس من أعراس الحياة. فعلى الشواطئ تمرح عذارى الحب والجمال، وفي الكهوف تمرح تخيلات الدهور والأجيال
إن في روح هذا الشاعر الهندي المتصوف الذي نشأ في ظلال الشرائع الشرقية القديمة مالئاً قلبه من عصير (النرفانا) وكتب أجداده الخالدة خيالاً يقظاً سوف يصغي الدهر إلى همسه المسكر مستمهلاً في فراره بين أكوام الموتى وساحات الحروب. . . ولكن إنسانية اليوم لن تصغي إلى حفيف أجنحة أطيافه، ولن تلمح ما في حكمته من نور، ولن تجرع ما في كآبته الصاحية من كوثر حي، لأنها إنسانية ثملة بأبخرة الدماء، وعبق البارود، وهزيم المدافع، وقلقلة القيود
ستبقى ثملة. . . وسوف لا تستفيق من نزواتها وخيلائها حتى تقتلها النزوات وتقهرها الخيلاء فتبصر عندئذ نجمة الحق لامعة في أفقها المعلى حيث تلتقي الأزلية والأبدية، وحيث يتعانق فجر الحياة ومساؤها.