هذا البساط النادر ثمنه مائة جنيه. فخلعت الفتاة خفيها ووضعتهما تحت إبطها خشية تلويثه
العم: وهذه السجادة الفارسية الأثرية ثمنها ثلاثمائة جنيه.
فتحسستها الفتاة وقالت: لكنها قديمة يا عمي، فقهقه صاحب القصر وأجابها: لهذا كانت ثمينة، فإنها أثرية منذ ألف سنة
. . . انظري هذا التمثال النصفي البديع! صنعه أكبر مثال فرنسي معاصر
. . . وهذه صورة زوجتي بريشة الرسام سوسانت كلفتنا مائة جنيه
قالت الفتاة: هل هي أثرية أيضاً أي منذ ألف سنة؟
فقهقه العم مرة أخرى لسذاجتها
وفي المساء نامت الفتاة تحلم بالقصر البديع الذي يقطنه عمها وحيداً لا يشاركه فيه إلا خادمه العجوز وإلا هذه التحف والتماثيل. ونام أخوها حسن وهو يدبر أمراً
في مساء اليوم التالي عاد حسن إلى القصر بعد أن جال في شوارع العاصمة وقال لعمه:
عثرت اليوم يا عمي على صورة فنية بديعة للرسام الشهير ج. س
قال العم: يا لشوقي لصورة من ريشته!
حسن: رفض الإيطالي العنيد أن يبيعها
العم: أغره بالمال، هذه ألف جنيه؛ وإذا طلب أكثر فأنا مستعد
وعاد حسن في صباح اليوم الثالث يحمل إطاراً كبيراً أسدل عليه ستار من الحرير الأزرق حجب الصورة، ووضع الإطار بصورته الغامضة في صدر قاعة الاستقبال الكبرى بقصر عمه
وفي المساء حضر صاحب القصر ومعه رهط من الغواة والفنانين والمعجبين بالفنون
ووقف حسن بجانب الإطار ورفع عن الصورة الستار وتكلم:
أيها السادة. ترون الآن صورة (فانتين البائسة) صورها هوجو بقلمه كلاماً، وعربها حافظ بلاغة، ورسمها ج. س الرسام الإيطالي الشهير صورة ناطقة
كم أتقن الفنان تصويرها وتصوير البؤس فيها! ألا تعد آية من آيات الفن؟ كم تقدرون ثمناً لها؟